خبر صحفى: لجنة الأمم المتحدة تُدين التمييز العنصري في الوصول العالمي إلى لقاح كوفيد-19

تاريخ النشر: 
الجمعة, 29 أبريل, 2022

لجنة الأمم المتحدة تُدين التمييز العنصري في الوصول العالمي إلى لقاح كوفيد-19

محاسبة ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لامتناعها عن تأييد إعفاء شامل من  الملكية الفكرية ومنح التفويض لنقل تكنولوجيا الأدوية

أصدرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري (اللجنة) هذا الأسبوع بيانًا تاريخيًا حذرت فيه بشدّة من أن "نسبة السكان الذين تلقوا جرعة واحدة من اللقاح في البلدان ذات الدخل المنخفض لا تتجاوز 15.21%، ما أدى إلى نشوء نمط من التوزيع غير المتكافئ داخل البلدان وفي ما بينها في تكرارٍ للعبودية والتسلسل الهرمي العنصري إبان الحقبة الإستعمارية". ولحظت اللجنة أن الدول ملزمة، بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بالقضاء على جميع أشكال عدم المساواة بين الأعراق، سواء كان ذلك عن طريق الغرض أو الأثر.

يأتي بيان اللجنة ردًا على شكوى تقدّم بها تحالف دولي يضم مجموعات تُعنى بقانون حقوق الإنسان وخبراء في الصحة العامة ومنظمات المجتمع المدني، وتدفع بأن ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان بعدم تدخلها في عملية طرح اللقاحات وسائر تكنولوجيات الرعاية الصحية الخاصة بكوفيد التي اتسمت بعدم الإنصاف والتمييز العنصري. وحثّت الشكوى اللجنة على التحرك قبل المؤتمر الوزاري المرتقب لمنظمة التجارة العالمية، حيث من المتوقع أن تدرس الدول مقترح الإعفاء الذي يهدف إلى إزالة حواجز الملكية الفكرية.

بناءً على الالتماس المقدّم بموجب تدابير الإنذار المبكر والإجراءات العاجلة، شددت اللجنة على "أن النقص في إمدادات اللقاح بسبب التوزيع العالمي غير المتكافئ، يستوجب اتخاذ  تدابير عاجلة في ما يتعلق بنظام الملكية الفكرية،" بهدف تقييد إمداد تكنولوجيات الرعاية الصحية الخاصة بكوفيد-19 بواسطة شبكة من براءات الاختراع والأسرار التجارية وسائر أنواع الحمايات الاحتكارية.

دعت اللجنة  على وجه التحديد كلّ من ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى دعم "مقترح الإعفاء المؤقت من أحكام اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس) وجملة تدابير أخرى للتخفيف من الآثار المتباينة التي خلفتها الجائحة. وحمّلت اللجنة الدول المذكورة مسؤولية التقاعس عن "إجبار شركات الأدوية الوطنية على نقل تكنولوجيات الرعاية الصحية الخاصة بكوفيد-19"، مذكرةً إياها بالتزامها "في ضمان الوصول المتساوي إلى خدمات الرعاية الصحية المنقذة للحياة، بما فيها الاختبارات واللقاحات والعلاجات الطبية."

  • في هذا الإطار، رأت لابيلا سوميا موسوك من مبادرة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في أوغندا أن "المساواة العالمية في اللقاحات تتطلب العمل الجماعي والتعاون والتضامن".
  • أشار تحالف الجنوب العالمي للمساواة في اللقاحات بتنسيق من حملة مكافحة العنصرية من أجل المساواة في الصحة في بيانه إلى أن "الإمبريالية المستمرة في اللقاحات إنما تسلّط الضوء على الأثر المتواصل للعنصرية الهيكلية وموروثات الاستعمار والرأسمالية العنصرية على ذوي البشرة السوداء والشعوب الأصلية والأشخاص الملوّنين على أنواعهم وسائر الفئات المستضعفة والمهمّشة. لذا لا يجوز لنا الحديث عن وضع اعتيادي جديد قبل أن نفكك أنظمة القمع المستمر، وهذا الأمر ليس ضروريًا لإنهاء الجائحة وحسب بل لضمان العدالة الصحية المستدامة."
  • لفت أوهيني أمبوفو أنتي، معاون برامج في مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن "الإجحاف في اللقاحات ليس حادثًا مؤسفًا ولا أمرًا محتومًا. إنه متجذّر في تقاعس الدول على المستوى العالمي عن معالجة إرث تاريخي من العبودية والاستعمار والفصل العنصري لا يزال قائمًا على الرغم من إلغائه رسميًا. يمثل البيان دعوة قوية للدول كي تقدّم حق ملايين الأشخاص في الصحة والحياة على المصلحة الخاصة، ويُبرز أهمية التضامن العالمي في محاربة الجائحة، لاسيما الديون الهائلة التي تدين بها بلدان الشمال العالمي لبلدان الجنوب.
  • قال جوشوا كاستيلينو، المدير التنفيذي للمجموعة الدولية لحقوق الأقليات  إنه " في مرحلة تشهد أخيرًا تجذرًا للدعوات المطالبة بإنهاء التمييز الهيكلي، تنتهج الدول، بتاريخها الإشكالي والمنخرطة في هذا الأمر والمتقاعسة عن اتخاذ التدابير اللازمة، سلوكًا يُظهر  ضحالة التزاماتها بهذه القيّم."
  • حثّ تيان جونسون من التحالف الأفريقي على "وجوب المضي قدمًا بالعمل الحيوي لإنهاء الاستعمار في الصحة العالمية اليوم أكثر من أي وقت مضى. وتمثل بلدان الجنوب العالمي التي تشهد حاليًا موجة خامسة من الوفيات والمرض وتدمير سبل العيش بسبب جائحة يغذيها الربح خير دليل على ذلك. وإن كان ثمة شك حيال من هم حياتهم مهمة بنظر البلدان التي تدعي "التطوّر"، فإن الظلم الذي يحدق بنا جواب واضح على هذا السؤال."
  • أكدت كاميلا باريتو ميا، منسقة المنطقة الدولية في مركز الدراسات القانونية والاجتماعية، أن "هذا القرار حاسم لأميركا اللاتينية التي تسكنها غالبية من السود والشعوب الأصلية. نادرًا ما تخضع  الشركات في بلدان الشمال والشركات عبر الوطنية للمساءلة أمام الأنظمة التي أنشأتها لحماية أرباحها، ويعود سبب ذلك إلى طبيعتها العابرة للحدود الوطنية، وهذا الأمر يُنتج آثارًا هائلة على حقوق السكان المهمّشين في الجنوب العالمي. وبينما يتعين على أميركا اللاتينية مناقشة الحاجة إلى تحسين إنتاجها الخاص من الأدوية، من المهم أن نسأل أنفسنا على المستوى الدولي  ما إذا كان فرض قيود الملكية الفكرية على تكنولوجيا الرعاية الصحية يتوافق مع الاعتراف بحق كل إنسان في الحياة."
  • جاء في بيان المركز النسائي القانوني في جنوب أفريقيا ما نصه: "في سياقنا، النساء الأفريقيات السوداوات هنّ اللائي يعملن في بيئات العمل المحفوفة بالمخاطر، ويواجهن أشكالًا متداخلة من التمييز، ويحملن وزر عدم الوصول إلى العلاج الطبي والرعاية الصحية الملائمين، واللائي يُغفل عنهن ويسرّحن لصالح الشركات والمصالح التجارية. يقر البيان أخيرًا أنهن كن يرفعن الصوّت وأن هذا الصوت لن يجري إسكاته بعد الآن.

تكمن أهمية البيان الصادر عن لجنة القضاء على التمييز العنصري في الاعتراف بالأسباب الجذرية التاريخية لما نشهده اليوم من انعدام للعدالة في الرعاية الصحية داخل الدول وفي ما بينها، وفي إظهار أن معارضة الإعفاء من تريبس تُديم التبعية العنصرية والبنيوية. ولحظت اللجنة أن "الأثر غير المتناسب للجائحة على المجموعات التي تحميها الاتفاقية لناحية ارتفاع مستويات الاعتلال والوفيات يُعزى إلى عواقب الظلم التاريخي والعنصري الذي أفرزه الرق والاستعمار والتي لا تزال مجهولة حتى اليوم إلى حد كبير، وإلى آثار التمييز العنصري المعاصر المترتبة على هياكل عدم المساواة والتبعية الناتجة عن الفشل في معالجة آثار العنصرية المتجذرة في الرق والاستعمار والفصل العنصري."

علاوة على ذلك، يحتل البيان مكانة بارزة إذ يعترف بالعنصرية الهيكلية نظامًا عالميًا يقع على عاتق الدول واجب القضاء عليه. وفي هذا الصدد، أعربت اللجنة عن قلقها العميق من أن "نمط التوزيع غير المتكافئ للقاحات المنقذة للحياة وتكنولوجيات كوفيد-19 داخل الدول وفي ما بينها يتجلى في صورة نظام عالمي يمنح القوى الاستعمارية السابقة الامتيازات على حساب الدول التي كانت تحت الاستعمار وأحفاد الجماعات من الرقيق." يُمكن قراءة البيان على أنه اعتراف بالالتزامات التي تقع على عاتق الدول خارج حدودها الإقليمية بضمان إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجميع، بما في ذلك الذين هم خارج حدودها. وهذا الأمر يؤكد أهمية التضامن العالمي في التصدى للآثار المستمرة للجائحة، لا سيما على الفئات الأكثر تهميشًا.

تضم المجموعات التي قدمّت الالتماس: التحالف الأفريقي، مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز الدراسات القانونية والاجتماعية، تحالف الجنوب العالمي للمساواة في اللقاحات بتنسيق من حملة مكافحة العنصرية من أجل المساواة في الصحة، مبادرة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، أوكسفام الدولية، حملة العمل من أجل العلاج، المركز القانوني النسائي. أُعدّ الالتماس بدعم من الشبكة العالمية لمحامي الحركة، الواقعة ضمن  مختبر قانون الحركة، ومنظمة سيكشن 27، وأمانة الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنسيق بينها.

ملاحظة للمحررين:

  • يُمكن الاطلاع على بيان لجنة الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على هذا الرابط.
  • يُمكن الاطلاع على الالتماس (بنسختيه الأصلية لشهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 والمحدّثة لشهر آذار/مارس 2022) إلى لجنة الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على هذا الرابط.
  • إنّ لجنة القضاء على التمييز العنصري هي هيئة تضمّ خبراء مستقلين وترصد تنفيذ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الدول الأطراف.
  • صادقت جميع دول العالم تقريبًا، بما فيها ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
  • انظر ايضًا عدم المساواة في اللقاحات يعمّق التمييز العنصري الهيكلي، الحقوق العالمية المفتوحة، 11 نيسان/أبريل 2022.