قضايا: عيادة المساعدة القانونية بجامعة ستيلينبوش وآخرون ضد وزير العدل ودائرة الخدمات الإصلاحية وآخرين؛ رابطة وكلاء استرداد الديون وآخرون ضد عيادة المساعدة القانونية بجامعة ستيلينبوش وآخرين؛ شركة مافافا ترادينغ ضدعيادة المساعدة القانونية بجامعة ستيلنبوش

تُركز هذه القضية المعروضة أمام المحكمة الدستورية على مسألة فرض الرقابة القضائية على ممارسات في جنوب أفريقيا

تُركز هذه القضية المعروضة أمام المحكمة الدستورية على مسألة فرض الرقابة القضائية على ممارسات شركات القروض التي تطال العمال ذوي الدخل المنخفض في جنوب أفريقيا في ما يخص استرداد الديون. أعادت المحكمة صياغة التشريع ذي الصلة لضمان عدم صدور أي أوامر تقضي باقتطاع مبالغ مالية من أجور الأشخاص المتخلفين عن سداد القروض الصغيرة من غير الخضوع لرقابة إدارية سليمة. وعلى وجه التحديد، لا يجوز صدور أي أمر من هذا القبيل ما لم يأذن القاضي، وليس كاتب المحكمة، بصدور هذا الأمر، وبعد اقتناعه بأن هذا الأمر عادل ومنصف ويُلائم الظروف المالية المدين. 

تاريخ الحكم: 
13 سبتمبر 2016
المنتدى: 
المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا
نوع المنتدى: 
محلي
ملخص: 

المدّعون هم العمال ذوو الدخل المنخفض الذين حصلوا على قروض صغيرة من شركة القروض. في وقت لاحق، وحينما تخلفوا عن تسديد الدفعات المستحقة في مواعيدها،  طالبتهم الشركة بتوقيع وثائق إضافية، كان من نتائجها إقدام الكتّاب في أقلام محاكم الصلح البعيدة من مقر إقامة المدّعين وأماكن عملهم، على تسطير أحكام غيابية وأوامر بحجز أجورهم لصالح مقدمّي الدين، ما حال دون تمكنهم من الاعتراض على هذه الأوامر. وفي بعض الحالات زُوِّرت تواقيع العمال التي تخوّل مقدّم الدين استصدار أوامر بحجز أجور الموقعين. إن المبالغ الهائلة المقتطعة من أجور المدينين تركتهم من غير دخل كاف لإعالة أنفسهم وإعالة أسرهم.

في أيلول/سبتمبر 2014، باشرت عيادة المساعدة القانونية في جامعة ستيلينبوش وآخرون اجراءات الدعوى في شبعة المحكمة العليا في كايب تاون، ملتمسين استصدار قرار يقضي ببطلان أوامر الحجز على الأجور ومفعولها وأثرها.  أكدت العيادة أن هذه الأوامر غير قانونية، وعزت سبب ذلك إلى أنها استندت إلى وثائق مزورة وصدرت عن كتّاب أقلام المحاكم الذين لا يملكون أي صلاحية في هذا المجال. كذلك سعت العيادة وآخرون إلى استصدار أمر يُعلن أن قانون محاكم الصلح، الذي ينص على وسيلة ملائمة لجمع الديون، لا يعطي المدين المعني بالحكم سلطة الموافقة على الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح في منطقة أخرى غير تلك التي يقيم ويعمل فيها. كذلك طعن المدّعون بدستورية قانون محكمة الصلح كونه لا ينص على فرض الرقابة القضائية في مثل هذه الظروف.

في تموز/يوليو 2015، وجدت المحكمة العليا في إعلانها بأن أوامر حجز الأجور الصادرة بحق المدّعين غير قانونية وباطلة وليس لها أي مفعول وأثر: أولًا، إنّ بعض العبارات الواردة في البند65 (ي)(2) من قانون محكمة الصلح كانت غير دستورية كونها لا تنص على فرض الرقابة القضائية؛ ثانيًا، إن البند 45 من قانون محكمة الصلح لا يعطي المدينين حق الموافقة على الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح الواقعة في منطقة مغايرة لمنطقة سكنهم وعملهم.

في الطعن المقدّم أمام المحكمة الدستورية، لم تؤكد هذه المحكمة عدم دستورية قرار المحكمة العليا، بل طلبت عوضًا عن ذلك بتغيير العبارات الواردة في البند 65 (ي)(2) (أ) و (ب) من قانون محكمة الصلح على نحو يضمن اتساق الإطار التشريعي  مع البند 34 من الدستور (الذي ينص على حق كل فرد في التقاضي في أي نزاع يُمكن حله عن طريق تطبيق القانون في جلسة علنية عادلة أمام أي محكمة،  أو منتدى أو هيئة تحكيم مستقلة ونزيهة عند الاقتضاء). وأكدت المحكمة الواجب القضائي الذي يفرض الأخذ بعين الاعتبار  بعض العوامل لدى تطبيق أي أمر من أوامر حجز الأجور (مثل طبيعة دخل المدين، المبلغ الذي يحتاج إليه المدين لتدبير معيشته ودعم أسرته)، وذلك بغية ضمان عدم تطبيق هذا النوع من الأوامر سوى على المال الذي يفيض عن حاجة المدين لإعالة نفسه وإعالة أسرته. وأشارت المحكمة إلى أن هذا الواجب القضائي يتوافق والقانون الدولي ذي الصلة، لا سيما اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن حماية الأجور.

كذلك أكدت المحكمة في حيثيات الحكم الصادر عنها أن غياب الرقابة القضائية يُهدد " سبل عيش ذوي الدخل المحدود وكرامتهم، إذ إنهم يمثلون فئة ضعيفة واضحة في مجتمعنا" ، وأن "... الحجز على الدخل الأساسي الذي يعوّل عليه المدينين العسيري الحال من أجل البقاء، من غير إشراف المحكمة، إنما يناقض الحق في الكرامة (الذي تستند إليه كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من سكن وغذاء ورعاية صحية)."

تطبيق القرار والنتائج: 

على الرغم من رفض المحكمة لأوامر حجز الأجور الصادرة بحق المدّعين وإبطالها، يبدو أن الحكم الصادر عن المحكمة بشأن قانون محكمة الصلح لا يُطبق بأثر رجعي على أوامر حجز الأجور الأخرى. ونجد أيضًا أن الحكم لا يتناول صحة الديون المُستحقة. لذا، لا بد من التعاطي مع كل حالة على حدة وفقا لحيثياتها الخاصة. مع ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أن الحكم يضمن منع الدائنين من السعي لاستصدار أوامر حجز الأجور في الهيئات القضاية غير المناسبة أو عن كتَاب الأقلام في المحاكم. وعليه لا يُمكن صدور هذه الأوامر ما لم يأذن القاضي بذلك بعد النظر في ظروف المدنين وأوضاعهم.

المجموعات المنخرطة في القضية: 

عيادة المساعدة القانونية في جامعة ستيلينبوش , لجنة حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا

دلالة القضية: 

إنّ الديون المعدومة وما يترتب عليها من أوامر بحجز الأجور تغذي مجموعات كبرى من الشركات في جنوب أفريقيا، وتؤثر في حياة ملايين الأشخاص في أنحاء البلاد كافة. في عام 2007،   دقق المشاركون في قمة الشركاء الماليين في سبعين ألف أمر من أصل مليون وسبعماية وخمسين ألف أمر بحجز الأجور  فاكتشفوا انتهاكات أسفرت عن "... اقتطاع أكثر من مليار راند من المقترضين المثقلين أصلًا وتحويلها إلى جيوب المقرضين معدومي الضمير (SJH van der Merwe الفشل في سداد الدين. دراسة تناقش عدم كفاية الموارد القانونية الداعمة للمدينين المعنيين بالأحكام في السياق الجنوب أفريقي. متوفرة على الرابط: http://scholar.sun.ac.za/handle/10019.1/79636)..وفي القضية التي بين أيدينا، أظهرت وثائق المحكمة أن (في شهر حزيران/يونيو 2013) قطاع الائتمان التجاري في جنوب أفريقيا دعم 20 مليون من مستهلكي الإئتمانات من بلد يبلغ تعداد سكانه 52 مليون نسمة.

باشرت العيادة القانونية في اجراءات الدعوى في سياق ما يزيد على عشر سنوات من التدخلات في حالات معينة والبحوث الدامغة والقاطعة التي تؤكد الانتهاكات السافرة المتمثلة في أوامر حجز الأجور.‫ثيو برودريك، مدير عيادة المساعدة القانونية في جامعة ستيلينبوش (رسالة إلكترونية أُرسِلت إلى ألكسيس إيكرت في 16 كانون الثاني/يناير 2017)لربما يتعذر علينا أن نقيس الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكامل المترتب على المجموعات غير القانونية في حيوات المدينين وحيوات أسرهم. وبسبب الوصم المتربط بالدين، يتحمل غالبية الأشخاص هذا العبء بخجل وصمت. مع ذلك، لم يجد الناس أنفسهم في هذا الموقف بسبب عدم مسؤوليتهم وحسب، بل بسبب عدد من العوامل المتضافرة. وغالبا ما تشمل هذه العوامل التسويق والدعاية العدوانيين، والإقراض المتهور، والقطاع الائتماني غير المنظّم أصلًا، وغياب السياسات والقوانين الملائمة المتعلقة بالديون، والحرمان التاريخي، وعدم امتلاك المستهلك للثقافة المطلوبة في هذا المجال، واليأس لتلبية الاحتياجات الأساسية كالغذاء والكساء. ‫ثيو برودريك، مدير عيادة المساعدة القانونية في جامعة ستيلينبوش (رسالة إلكترونية أُرسِلت إلى ألكسيس إيكرت في 16 كانون الثاني/يناير 2017)

في سياق الانتشار الواسع النطاق لممارسات استرداد الديون التي تفرض ضغوطًا اقتصادية هائلة وغيرها على كاهل العمال الضعفاء ذوي الدخل المنخفض، يؤكد هذا الحكم البالغ الأهمية أن الوصول إلى العدالة يتطلب، من جملة اجراءات أخرى، الرقابة القضائية المختصة التي تأخذ في الحسبان الظروف الخاص بكل حالة على حدة.