معهد حقوق الإنسان والتنمية وآخرون ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية، قضية رقم 393/10

اللجنة الأفريقية تُعزز مساءلة الشركات عن انتهاكات حقوق الإنسان

أمرت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بدفع تعويضات مالية كبيرة وتعويضات مجتمعية واسعة النطاق لضحايا القمع الوحشي الذي ارتكبته الدولة بحقهم بسبب الأنشطة المدنية التي أضرت بمصالح إحدى شركات التعدين. إذ وجدت أن الحكومة الكنغولية انتهكت عددًا كبيرًا من حقوق الإنسان. كذلك أحرزت القضية تقدمًا على طريق مساءلة الشركات حيث انتقدت اللجنة شركة أنفيل للتعدين علنًا لدعمها العمل العسكري للدولة وأوصت بمقاضاة الموظفين المتورطين

تاريخ الحكم: 
3 أبريل 2018
المنتدى: 
اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
نوع المنتدى: 
إقليمي
ملخص: 

في عام 2004، حاولت مجموعة صغيرة العدد من المتمردين المسلحين بأسلحة خفيفة السيطرة على كيلوا، وهي بلدة نائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية (الكونغو) تعيش على صيد السمك. إذ على مسافة 50 كيلومترًا عن البلدة ثمة منجم للنحاس والفضة مسافة منجمًا للنحاس والفضة تستخرج منه شركة أنفيل للتعدين (أنفيل للتعدين) المعادن، وهي شركة أسترالية – كندية صغيرة. تجدر الإشارة إلى أن ميناء كيلوا يُعد خط النقل الوحيد لتصدير المعدن الخام إلى المصانع في بلدان أخرى. وجاء رد الجيش على الاضطرابات التي اندلعت في كيلوا وحشيًا، حيث عمد الجنود إلى تفجير البلدة ونهبها عشوائيًا، كما نفذوا اعتقالات تعسفية ومارسوا التعذيب وأعدموا مدنيين من غير محاكمة. قُتل ما يزيد على 70 مدنيًا في حين لقي آخرون حتفهم ببطء جراء جروح أصيبوا بها أثناء التعذيب. في أعقاب التحقيقات، أكدت الأمم المتحدة أن الجيش الكونغولي ارتكب جرائم حرب. كما وجدت الأمم المتحدة أن أنفيل للتعدين قدمت دعمًا لوجستيًا هائلًا للعمل العسكري في كيلوا، شمل توفير النقل والوقود والغذاء، وربما دفعات مالية لعدد من الجنود.

عُقب الفظائع التي ارتكبت، رُفعت دعاوى محلية بحق الجنود الكونغوليين وموظفي أنفيل المتورطين من غير جدوى. في هذا الصدد، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء التدخل السياسي في الاجراءات القضائية المحلية. كذلك رُفعت دعاوى بحق موظفي أنفيل في كندا وأستراليا حيث تقع مكاتب للشركة لكن عبثًا. أخيرًا، قدمت جمعيات حقوق الإنسان شكوى بالنيابة عن 8 ضحايا أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة).

في حزيران/يونيو 2016، وبعد عملية طويلة دامت 7 سنوات، رأت اللجنة أن الحكومة الكونغولية انتهكت مجموعة من حقوق الإنسان المنصوص عليها في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب من بينها الحق في الحياة (المادة 4)، والحق في المحاكمة العادلة (المادة 7)، والحق في الملكية (المادة14)، والحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة22)، فضلًا عن حظر التعذيب (المادة 5)، والحماية من الاعتقال التعسفي (المادة 6)، وواجب ضمان استقلال المحاكم (المادة 26). وأضافت أن الدولة خرقت الحق في السكن.

انتقدت اللجنة أنفيل للتعدين علنًا مؤكدة "الحاجة الماسة والضرورة القانونية لأن تولي الكيانات العاملة في مجال الصناعات الاستخراجية لدى تنفيذ أنشطتها الاعتبار الواجب لحقوق المجتمعات المضيفة... ويشمل ذلك عدم المشاركة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان والشعوب أو عدم دعمها." (ترجمة غير رسمية من الفرنسية)

وطالبت اللجنة الحكومة باتخاذ خطوات حثيثة لمقاضاة الموظفين الحكوميين وموظفي أنفيل للتعدين المتورطين في ارتكاب الانتهاكات ومعاقبتهم. ومنحت الضحايا الواردة أسماؤهم في الشكوى تعويضًا مالية قيمته مليونين ونصف دولار أميركي، وحثت الحكومة على تحديد الضحايا الآخرين وأسرهم غير الأطراف في الشكوى والتعويض عليهم. كذلك أوصت اللجنة ، من جملة التدابير المقترحة، أن تعتذر الدولة رسميًا من سكان كيلوا، وأن تستخرج الجثث الملقاة في مقابر جماعية وتعيد دفنها بكل تبجيل ، وأن تبني نصبًا تذكاريًا، وأن تعيد إعمار المدارس والمستشفيات والطرقات التي دُمرت أثناء الهجوم، وأن تقدم المشورة للمتضررين المصابين بصدمات نفسية.

علاوة على ذلك، أوعزت اللجنة إلى الدولة بأن تحرص على إخضاع تنفيذ القرار لإشراف لجنة الرصد التي تضم ممثلين عن الضحايا وعضو اللجنة المعني بشؤون البلد . كما طلبت من الحكومة تقديم تقرير في غضون 180 يومًا عن الخطوات المتخذة لتنفيذ القرار.

تطبيق القرار والنتائج: 

لم تبادر الحكومة الكونغولية إلى تنفيذ القرار حتى الآن. وليس ثمة سجل يُشير إلى قيام الحكومة بأي مراسلة في خلال مهلة 180 يومًا لإخطار اللجنة بالإجراءات المتخذة لتنفيذ القرار. كما إن لجنة الرصد الآنفة الذكر لم تُنشأ بعد. لكن المنظمات غير الحكومية تواصل حث الحكومة على التحرك. ]مقابلة عبر البريد الاكتروني مع أنيكي فان وودنبيرغ، المديرة التنفيذية لمنظمة الحقوق والمساءلة في التنمية،26 آذار/مارس 2017 [ لما كانت التوصيات الصادرة عن اللجنة غير ملزمة رسميًا، يُنتظر من الدول الأطراف الامتثال للقرارات، لذا تُمارس ضغوط سياسية لتحقيق ذلك. في تطور مهم، وجّه رئيس الفريق العامل المعني بالصناعات الاستخراجية والبيئة وحقوق الإنسان التابع للجنة خطابًا إلى أنفيل للتعدين يحث فيه الشركة على الاعتراف بمسؤوليتها عن خرق واجبها في الرعاية في بيان رسمي، وطلب منها الإسهام في دفع التعويضات التي أقرتها اللجنة لضحايا كيلوا

المجموعات المنخرطة في القضية: 

شارك ثلاثة من أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مُشاركة فعّالة في جلب القضية أمام اللجنة وهم: منظمة الحقوق والمساءلة في التنمية، ومؤسسة العمل ضد الإفلات من العقاب في مسائل حقوق الإنسان، ومعهد حقوق الإنسان والتنمية في أفريقيا

دلالة القضية: 

لا تزال المجتمعات في سائر أنحاء العالم تواجه الانتهاكات المنتظمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان التي ترتكبها الشركات. إن ممارسة استخدام أجهزة الأمن العام أو دعم عملها لصالح الشركات على حساب المجتمعات المحلية، والتدخل في عمل القضاء هما من الخصائص المعترف بها اللتين تميزان الظاهرة الأكبر المتمثلة في "هيمنة الشركات"، وهي الوسيلة التي تستخدمها الشركات الكبرى وغيرها من أصحاب المصلحة النافذين اقتصاديًا في تقويض إعمال حقوق الإنسان والرفاه البيئي عن طريق ممارسة تأثير غير مبرر على الدول. تُمثل هذه القضية خطوة أساسية نحو تعزيز مساءلة الشركات عن مثل هذه الانتهاكات، حيث أوعز إلى الدولة صراحةً باتخاذ ما يلزم من اجراءات بحق موظفي أنفيل للتعدين. علاوة على ذلك، تضمنت سبل الانتصاف التي أوصت بها اللجنة أعلى مبلغ تعويض أمرت به اللجنة على الإطلاق، بالإضافة إلى تدابير جماعية شاملة ومبتكرة وهيكلية وتصالحية تستهدف الضحايا والمجتمع على نطاق أوسع. وعلقت لجنة الحقوقيين الدولية قائلةً إن القرار يُمثل ".... خطوة حقيقة نحو الاعتراف بمسؤولية جمهورية الكونغو الديمقراطية وشركة أنفيل..... وقد تكون الفرص متاحة الآن أمام الضحايا وأسرهم لالتماس الانتصاف والتعويض، بما في ذلك الادعاء على السلطات المسؤولة في الدولة وشركة أنفيل للتعدين، أو على الأقل أي موظف مسؤول أو مسؤولين تنفيذيين."

تدل الهجمات العنيفة وما تلاها من معركة قضائية دامت 13 عامًا في سبيل تحقيق العدالة على الحاجة المتواصلة إلى وضع إطار قانون دولي بشأن هيمنة الشركات، وذلك بغية توضيح إلتزامات الدول (بما فيها الالتزامات خارج الحدود الإقليمية للولاية) في الأحكام التي تنظم أنشطة الشركات و إلغاء الحواجز التي تعرقل سير العدالة. وتحقيقًا لهذه الغاية، ينخرط أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحلفاؤها في عمل جماعي للدعوة إلى وضع معاهدة قوية في الأمم المتحدة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشركات عبر الوطنية وغيرها من الشركات أو تقع بواسطة الانشطة المرتبطة بهذه الشركات ومعالجة هذه الانتهاكات. علاوة على ذلك، تخضع ممارسات هيمنة الشركات للتحليل والمعالجة بواسطة مشروع هيمنة الشركات الذي أطلقته الشبكة العالمية

آخر تحديث في 26 آذار/مارس 2018