مارسيا سيسيليا تروخيو كاليرو ضد الإكوادور، لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مراسلة 10/2015، وثيقة الأمم المتحدة E/C.12/63/D/10/2015 (26 آذار/مارس 2018)

لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعالج أثر عمل الرعاية غير مدفوع الأجر في وصول المرأة إلى الضمان الاجتماعي

خلُصت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى أن الإكوادور انتهكت حقوق مارسيا سيسيليا تروخيو كاليرو في الضمان الاجتماعي، وعدم التمييز، والمساواة بين الجنسين المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك حينما أخفقت في تزويدها بمعلومات كافية عن أهلية خطة التقاعد الخاصة بها في الوقت المناسب، وحرمتها من معاشها التقاعدي بناءً على أسس تمييزية وغير متناسبة.

تاريخ الحكم: 
26 مارس 2018
المنتدى: 
لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
نوع المنتدى: 
دولي
ملخص: 

سددت مارسيا سيسيليا تروخيو كاليرو جميع الاشتراكات في المعاشات التقاعدية المتوجبة عليها طوال 29 عامًا إلى المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي. ومن أصل الاشتراكات التي بلغ عددها 305 إشتراكات، كان نصفها تقريبًا إسهامات قدمتها طوعًا من عام 1981 حتى عام 1995، وذلك أثناء رعايتها لأطفالها الثلاثة في المنزل في إطار عمل الرعاية غير مدفوع الأجر. في خلال فترة ثمانية أشهر اعتبارًا من عام 1989، توقفت السيدة تروخيو عن تسديد الإسهامات الطوعية غير أنها سددتها بالكامل بأثر رجعي في شهر نيسان/أبريل عام 1990. بعد ذلك، لم تنقطع السيدة تروخيو عن تسديد الاشتراكات المتوجبة عليها إلى النظام حتى عام 2001، عندما أخطرها موظفو مؤسسة الضمان الاجتماعي مرات عدة عن أهليتها للتقاعد المبكر في حال استقالتها في وظيفتها المدفوعة الأجر. لذا استقالت السيدة تروخيو من وظيفتها وتقدمّت بطلب للتقاعد المبكر.

رفضت المؤسسة الإكوادرية للضمان الاجتماعي طلب التقاعد الذي تقدّمت به السيدة تروخيو، وذلك عقب سلسلة من القرارات الإدارية السلبية، زاعمة أنها لم تُسدد الحد الأدنى من الاشتراكات المتوجبة عليها والبالغ عددها 300 اشتراكًا لأن توقفها الطوعي عن العمل مدة ثمانية أشهر أنهى انتسابها إلى نظام التقاعد، ما أدى بالنتيجة إلى بطلان كل الإسهامات الطوعية اللاحقة. مع ذلك، لم تُبلغ السيدة تروخيو بالقرارات الإدارية التي يرجع تاريخ صدورها إلى عامي 2002 و2003 إلا في عام 2007. فاستأنفت واحدة من تلك الأحكام أمام المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي لكن من غير جدوى. لذا لجأت السيدة تروخيو إلى المحكمة المحلية رقم واحد التابعة لمحكمة الخلافات الإدارية في كويتو، بعدها إلى محكمة العدل الوطنية، ثم المحكمة الدستورية على التوالي ملتمسةً الإنصاف. وكان التماسها يُرفض في كل خطوة.

اتهمت السيدة تروخيو في مراسلة 2015 رفعتها إلى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الإكوادور بانتهاك حقها في الضمان الاجتماعي وعدم التمييز على أساس نوع الجنس. وإلى حين وصول التماس السيدة تروخيو إلى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتنظر فيه، حُرمت من الأجر مدة 14 عامًا عانت في خلالها البطالة والفقر والطلاق، فضلًا عن مشاكل صحية خطيرة منها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والعجز السمعي، وتشوه عظمي في قدميها، وحالات قصور ذهني متقطعة.

وجدت اللجنة أن الإكوادور انتهكت حقوق السيدة تروخيو المنصوص في العهد، وهي حقها في الضمان الاجتماعي (المادة 9)، وحقها في عدم التمييز (المادة 2(2))، مقروءتين بالاقتران مع (المادة 3) حقها في المساواة بين الجنسين. وعللت اللجنة ذلك إلى أنه على الرغم من أن ثمة هامش يجيز للإكوادور اعتماد اجراءات لتنظيم الضمان الاجتماعي، يجب أن تكون القواعد التنظيمية معقولة وتناسبية وواضحة وشفافة وإبلاغها علنيًا بطريقة ملائمة وفي الوقت المناسب. أصدرت المحكمة قرارًا وجدت فيه أن الإكوادور فشلت في تلبية هذه المعايير، وأضافت أن انتهاك حقوق السيدو تروخيو تفاقم بفعل افتقار الإكوادور إلى نظام شامل للتقاعد بغير اشتراكات يعتمد على السن.

أولًا، أشارت اللجنة إلى أن الدولة فشلت في تزويد السيدة تروخيو بمعلومات كافية عن شروط تقاعدها في الوقت المناسب. وأن موظفي المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي أبلغت السيدة تروخيو شفويًا أنها تستوفي شروط الإشتراكات البالغ عددها 300 اشتراكًا وأنها مؤهلة للتقاعد المبكر. علاوة على ذلك، استمرت المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي في قبول المدفوعات الشهرية التي كانت تسددها السيدة تروخيو لسنوات عدة بعد عامي 1989-1990، على الرغم من إبطال الانتساب الطوعي لها منذ توقفها عن تسديد الاشتراكات في حينه. وعليه، كان من المعقول أن تتوقع السيدة تروخيو بناء على هذه العوامل مجتمعةً، أنه بوسعها التقاعد والاستفادة من الضمان الاجتماعي، ما دفعها إلى الاستقالة من وظيفتها.

ثانيًا،  وجدت اللجنة أن سياسة الإكوادور في إبطال كل الإسهامات الطوعية المُسددة بعد توقف دام ستة أشهر متتالية لا تتناسب مع أهدافها السياساتية المحتملة، مثل حماية موارد الضمان الاجتماعي. ولاحظت أن الإكوادور لم تُبيّن أنه لم يكن ثمة تدابير بديلة قد تترك أثارًا أقل خطورة في حقوق السيدة تروخيو (على سبيل المثال، استثناء الإسهامات عن فترة التوقف عن الدفع ومدتها 8 أشهر من حساب الفوائد).

أخيرًا، رأت اللجنة أن الدولة تتحمل مسؤولية التمييز الذي لحق بالسيدة تروخيو. ولاحظت أن السيدة تروخيو كانت عرضة لأشكال متداخلة من التمييز على أساس نوع الجنس والسن، وهذا الأمر يستدعي إخضاع الأنظمة القانونية في الإكوادور وسلوكها "لمستوى معين من التدقيق الخاص أو الصارم". كما أشارت اللجنة إلى أن النساء يؤلفن تقريبًا كامل عدد العاملين في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر اللواتي قد يتعرضن للتمييز من برامج تقاعدية تزعم الحياد لكنها لا تأخذهن بعين الاعتبار. ورأت أن المساهمين الطوعيين، ومعظمهم من النساء، في وضع حرج إذ يتوقع منهن تسديد حصتهن وحصة صاحب العمل من الاشتراكات الشهرية، على الرغم من  افتقارهن لرب عمل يدفع لهن دخلًا ثابتًا. وأضافت أن الإكوادور لم تبرهن أن الشروط التي حددتها للانتساب الطوعي كانت معقولة ومتناسبة  وليست شكلًا غير مباشر من أشكال التمييز بحق النساء اللواتي يمارسن عمل الرعاية غير مدفوع الأجر.

خلصت اللجنة إلى أنه يتعين على الإكوادور دفع التعويضات إلى السيدة تروخيو وأن تحول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. علاوة على ذلك، قررت اللجنة أنه يتوجب على الإكوادور ما يلي : (أ) اعتماد تشريعات واجراءات إدارية أخرى تضمن حقوق الجميع في طلب المعلومات المتعلقة بحقهم في الضمان الاجتماعي وجمعها والحصول عليها  في الوقت المناسب وبطريقة ملائمة؛ (ب) اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات تضمن قيام سلطات الضمان الاجتماعي بتوفير المعلومات الكافية في الوقت المناسب لجميع الناس، بما فيها تلك المتعلقة بصلاحية إسهاماتهم وصحة إنتسابهم؛ (ج) ضمان أن تكون كل الأنظمة القانونية المسؤولة عن إدراة الضمان الاجتماعي متناسبة مع عدم اعتبارها عقبات تحول دون الحصول على المعاشات التقاعدية؛ (د) توفير سبل الإنتصاف الإدارية والقضائية عن الانتهاكات في الوقت المناسب؛ (هـ) اعتماد تدابير خاصة بشأن المرأة لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين، بما فيها الخطوات الرامية إلى إزالة العقبات التي تعترض النساء العاملات في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر اللواتي يُسهمن في خطط الضمان الاجتماعي؛ (و) وضع خطة لنظام معاش تقاعدي شامل بغير اشتراكات بالحد الأقصى من الموارد المتاحة، وذلك في مهلة زمنية معقولة.

تطبيق القرار والنتائج: 

يتعين على الإكوادور أن تقدّم ردها إلى  اللجنة في غضون ستة أشهر من تاريخ إخطارها بالقرار، وأن تضمنه معلومات عن التدابير المتخذة بناء على التوصيات الصادرة عن اللجنة. كما يتعين على الإكوادور نشر آراء اللجنة وتوزيعها على الجمهور.  وستراقب اللجنة، من ناحيتها، إجراء متابعة الآراء الصادرة عنها.

المجموعات المنخرطة في القضية: 

مثّل السدة تروخيو مكتب المحامي العام في إكوادور، بما فيه مكتبه المعني بالحقوق في العيش الرغيد. أسهم عدد من أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في رفع مذكرة طرف ثالث، وهم:  منظمة العفو الدولية، والجمعية الأهلية للمساواة والعدالة، ومركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز الحقوق  الاقتصادية والاجتماعية والثقافية – هاكيجامي، ومنتدى العدالة وحقوق الإنسان ومشاركة المواطنين، والمبادرة العالمية من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنظمة رصد العمل الدولي من أجل حقوق المرأة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ،ومركز الموارد القانونية، ومركز الدفاع عن الحقوق الاجتماعية، والعضو الفردي البروفسورة ليليان شينوي (كلية الحقوق في جامعة وتواترسراند)، وفيفيانان أوسوريو بيريز.

دلالة القضية: 

يُعد هذا القرارُ الحكمَ الأول من نوعه الصادر عن إحدى هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات والذي يعالج العلاقة بين عمل الرعاية غير مدفوع الأجر والوصول القائم على نوع الجنس إلى الضمان الاجتماع. واللجنة باتخذها هذا القرار قدّمت صيغة متينة للحقوق في الضمان الاجتماعي والمساواة الحقيقية بين الجنسين في موضوع عالمي الأهمية. وترى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن "النساء في سائر انحاء العالم ينفقن ما يزيد على مرتين إلى عشر مرات من وقتهن في عمل الرعاية غير مدفوع الأجر مقارنةً الرجال". ويُسهم هذا العبء غير المتناسب من أعمال الرعاية غير المدفوعة الذي يقع على كاهل النساء في توسيع الفجوة في المعاشات التقاعدية بين الجنسين في أنحاء العالم. وتُظهر  دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية عام 2016 تستند إلى بيانات مأخوذة من 107 بلدان أن "ما يقارب 65 من المئة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم سن التقاعد ولا يحصلون على معاش تقاعدي منتظم هم من النساء". ووجدت منظمة العمل الدولية أن " طريقة ترجمة اللامساواة في سوق العمل والعمالة في مجال الحماية الاجتماعية تعتمد في الغالب على وجود آليات قادرة على التعويض عن عدم اللامساواة بين الجنسين في العمل، مثل الاعتراف بأوقات مخصصة لرعاية الأطفال أو المسنين في نظام المعاشات التقاعدية."

بالإضافة إلى ذلك، يقدّم قرار اللجنة مثالُا نموذجيًا يُظهر كيف يُبرر التحليل المتعدد الجوانب الرقابة الصارمة على مصادر التمييز المحتملة. فقد حرصت اللجنة في تطبيقها لهذا المنظور على البحث عن التباينات بين النية والنتيجة، فضلًا عن مظاهر التمييز المباشرة وغير المباشرة. فالنتيجة هي حكم صادر عن الأمم المتحدة يعالج ما يُسمى بالأنضمة القانونية "المحايدة" بسبب الضرر التمييزي الذي تلحقه بحقوق النساء اللواتي يؤدين أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. وعليه، يمثل القرار تحديًا للمفاهيم التقليدية السائدة عن العمل في نظم الضمان الاجتماعي التي لا تقدر قيمة عمل المرأة في عمل الرعاية غير مدفوع الأجر على النحو الواجب. والأهم من ذلك أن اللجنة طبقت أيضًا تحليلا يتناول أنظمة التقاعد بغير اشتراك يعتمد على السن، مشيرةً إلى أنه يتعين على هذه النظم " أن تأخذ في الحسبان حقيقة أن احتمال معاناة الفقر أكبر لدى المرأة مما هو عليه الحال لدى الرجل.؛ ذلك أن المرأة غالبًا ما تكون الجهة  الوحيدة التي تتحمل مسؤولية رعاية الأطفال، ولأنها تفتقر إلى المعاشات التقاعدية، بمعدل تواتر أعلى."

 

نوّد توجيه شكر خاص لعضو الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي في جامعة نورث إيسترن.

 

آخر تحديث في 28 آب/أغسطس 2018