توسان ضد كندا، CCPR/C/123/D/2348/2014 ، 2018

الأمم المتحدة ترى في حرمان المهاجرين غير النظاميين من الخدمات الصحية الأساسية انتهاكًا للحقوق

أكدت اللجنة أن الدول ملزمة التزامًا إيجابيًا بضمان حصول كل شخص على الرعاية الأساسية اللازمة للحؤول دون المخاطر المتوقعة التي تهدد الحياة، بصرف النظر عن وضع الهجرة الخاص به. علاوة على ذلك، يتعين على كندا توفير العلاج المنتظم والفردي على حد سواء، وإعادة النظر في تشريعاتها لضمان حصول المهاجرين غير النظاميين على الرعاية الصحية الأساسية ومنح نيل توسان، المدّعية أو صاحبة البلاغ، التعويضات عن الضرر الذي لحق بها.

تاريخ الحكم: 
24 يوليو 2018
المنتدى: 
لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان
نوع المنتدى: 
دولي
ملخص: 

اعترضت نيل توسان على حرمان كندا المهاجرين غير الموثقين من شمولهم بالرعاية الصحية في إطار برنامج فيدرالي وضعته الحكومة لتأمين الرعاية الصحية للمهاجرين  ويحمل اسم البرنامج الصحي الفيدرالي المؤقت. فبعد أن استنفدت توسان سبل الانتصاف المحلية، رفعت مطالبها إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان (اللجنة) بموجب الاجراء الاختياري لتقديم الشكاوى (البروتوكول الاختياري الأول) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه كندا عام 1976.

ادعت توسان على كندا بانتهاك حقوقها في عدم التمييز (المادتان 2.1 و26)؛ والانتصاف الفعّال (المادة 2.3، أ)، والحياة (المادة 6)، وعدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية (المادة 7)؛ وحرية الشخص وأمنه (المادة 9.1) بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد)، وذلك لحرمانها من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحماية حياتها وصحتها على أساس وضع الهجرة غير النظامي  الخاص بها.

 كانت حجة كندا أن الدعوى التي قدمتها توسان للطعن في القانون  بغية ضمان شمول المهاجرين بالرعاية الصحية بصرف النظر عن وضع الهجرة، غدت غير ذات أهمية لأنها مُنحت منذ ذلك الحين وضع الإقامة الدائمة، وأصبحت بالنتيجة مشمولة بالرعاية الصحية الكاملة. كذلك رأت كندا أن الدعوى تُعد حسية وغير مقبولة وهي تطعن في البرنامج برمته في انطباقه على الآخرين بدلًا من اعتباره انتهاكًا فرديًا. ردًا على ملاحظات الدولة الطرف، أرفقت مقدمة البلاغ دعواها مذكرتين من أصدقاء المحكمة صنفتهما اللجنة  فتاوى قانونية، الأولى قدمتها منظمة العفو الدولية والثانية تحالف من المنظمات العضوة في الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

اتفقت اللجنة في الرأي مع توسان والمنظمات الداعمة لها، إذ وجدت أن الالتماس لم يكن دعوى حسية ولم يكن مجردًا من الأهمية. وأشارت إلى أن السياسة ألحقت ضررًا شخصيًا ومباشرًا بتوسان، وأن الرعاية الصحية التي تلقتها لاحقًا لم تعالج الأذى التي لحق بها بالفعل. بررت الدولة  أنها تستوفي العبء الملقى على عاتقها عن طريق توفير خدمات رعاية صحية طارئة متاحة للجميع، فضلًا عن المراكز الصحية المجتمعية وسواها من الخدمات المجانية. لكن اللجنة قررت أن الرعاية الصحية الطارئة لا تكفي وحدها لضمان حماية الحق في الحياة، وأن وضع الهجرة هو منطلق تمييزي محظور بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأن حرمان المهاجرين غير النظاميين من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة للحياة لا يستند إلى معايير منطقية وموضوعية.

رأت المحكمة أن توسان لم تقدّم أدلة كافية تُثبت انتهاك حقوقها بموجب المادتين 7 و9 (1) من العهد. بيد أنها وجدت أن حق توسان في الحياة وحقها في عدم التمييز قد انتهكا بموجب المادتين 6 و26 من العهد، مُشيرة إلى أن الحق في الحياة غالبًا ما يُفسر تفسيرًا ضيقًا ولا يجوز فهمه بطريقة تقييدية. ورفضت اللجنة تأكيد الدولة الطرف أن مقدمة البلاغ كانت في الواقع تطالب بالحق في الرعاية الصحية وهذا الحق غير مدرج في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فوجدت أن الدولة الطرف ملزمة التزامًا إيجابيًا بحماية حق السيدة توسان في الحياة الذي يستوجب في ظل ظروفها الخاصة توفير الرعاية الصحية الأساسية. ويشمل الحق في الحياة التحرر من الأفعال والإهمال التي يُقصد بها أو يتوقع أن تتسبب في الوفاة غير الطبيعية أو المبكرة ويضمن الحق في التمتع بحياة كريمة. كما قررت اللجنة أن الدولة مُطالبة، بالحد الأدنى، بموجب المادة 6 بتوفير فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الموجودة التي يجب أن تكون متاحة ويُسهل الوصول إليها على نحو معقول عندما يؤدي الافتقار إليها إلى تعريض الشخص لخطر متوقع يُمكن ان يؤدي إلى الوفاة.

عملًا بالمادة 2 (3)(أ) من العهد التي تُلزم الدولة بتوفير سبل الانتصاف الفعالة، يطالب قرار لجنة الأمم المتحدة كندا بما يلي: 1) دفع التعويض الملائم والكافي للسيدة توسان عن الضرر الذي لحق بها، 2) واتخاذ الخطوات اللازمة للحؤول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، من بينها إعادة النظر في قوانينها لضمان حصول المهاجرين غير النظامين على الرعاية الصحية الأساسية لتفادي خطر متوقع يُمكن أن يؤدي إلى خسائر في الأرواح.

تطبيق القرار والنتائج: 

أمهلت الأمم المتحدة الدولة مدة 160 يومًا لتقديم معلومات تُبين التدابير المتخذة لتفعيل هذا القرار، وطالبتها بنشر رأي الأمم المتحدة على نطاق واسع. يُذكر أن جماعات حقوق الإنسان في كندا تمارس ضغوطًا على الحكومة الاتحادية لتنفيذ القرار. فقد عانت نيل توسان عددا من الانتكاسات الصحية الوخيمة. ومع ذلك لا زالت تُبدي مرونةً وتأمل أن تتمكن من ترتيب الرعاية المجتمعية. كما ارتفعت روحها المعنوية بسبب الاستجابة الدولية على النصر الذي أحرزته.

المجموعات المنخرطة في القضية: 

مركز الدفاع عن الحقوق الاجتماعية

منظمة العفو الدولية – كندا

مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

مركز الدراسات القانونية والاجتماعية

المبادرة العالمية من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية

الشبكة العالمية للحقوق لاقتصادية والاجتماعية الثقافية

القسم 27

معهد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في جنوب أفريقيا

دلالة القضية: 

إنه أول قرار من نوعه يصدر عن هيئة حقوقية في الأمم المتحدة منشأة بموجب معاهدة بعد النظر في حالة حرمان شخص يقيم بصورة غير نظامية من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحماية حياته. علاوة على ذلك، أكدت اللجنة أنه يتعين على الدول اتخاذ تدابير إيجابية لحماية الحق في الحياة. إذ يُشدد هذا القرار على ترابط حقوق الإنسان كافة، لا سيما العلاقة بين الرعاية الصحية والحق في الحياة. من ثمّ، يمنح القرار تفويضًا للدعوة من أجل الحصول على الرعاية الصحية في سائر البلدان التي صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو التي تعترف، بغير ذلك،  بالحق في الحياة وعدم التمييز.  كذلك يقدم القرار تفويضًا للقول إن الدول لديها التزامات إيجابية في مجالات أخرى مرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثل الحصول على السكن والغذاء والماء والصرف الصحي، وذلك للطعن في الحرمان من الوصول إلى المقومات الأساسية من أجل حماية الحياة.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد أخذ اللجنة بالاعتبار الفتاوى القانونية الصادرة عن منظمة العفو الدولية وتحالف المنظمات العضو في الشبكة العالمية سابقة مفيدة في الممارسة المنبثقة عن هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات والتي يُمكن بواسطتها تزويد اللجان بالخبرة والحجة اللازمتين من مصادر متنوعة. كما يدل على قوة العمل الجماعي الذي تؤديه منظمات المجتمع المدني.

في الختام، يُمكن أن يُسهم هذا القرار أيضًا في تطبيق التعليق العام الجديد رقم 36 بشأن الحق في الحياة الذي اعتمدته اللجنة مؤخرًا في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018. يُشدد التعليق العام رقم 36 بقوة على ترابط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة ويعزز القدرة على التصدي للانتهاكات الهيكيلة للحق في الحياة الناجمة عن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يُمكن الاطلاع هنا على تفاصيل إضافية عن التعليق العام وإسهامات الأعضاء في صياغة محتواه. 


نوّد توجيه شكر خاص لعضو الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي في جامعة نورث إيسترن، ولمركز الدفاع عن الحقوق الاجتماعية.

آخر تحديث في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019