قضية السيدة دانيالز ضدّ سكريبانتي وآخر، (2017) SA — (CC), (2017) — BCLR — (CC), [2017] ZACC 13

من الحقبة الاستعمارية وحتى عصر التمييز العنصري، نتج عن عمليات نزع ملكية الأراضي، وعمليات الإخلاء القسري، وغيرها من الممارسات التمييزية، انتشار الفقر على نطاق واسع من البلاد، وترك العديد من مواطني جنوب إفريقيا دون حيازة قانونية آمنة للأرض أو مكان الإقامة. وقد قررت المحكمة، في هذه الحالة، أنّه يحقّ للمقيمين الذين لا يتمتعون بحيازة آمنة إجراء تحسينات تهدف إلى جعل العقار مناسبا للسكن لبلوغ المستوى الأدنى الذي يتوافق مع كرامة الإنسان، وذلك دون الحاجة إلى أخذ الموافقة من المالك.

تاريخ الحكم: 
11 مايو 2017
المنتدى: 
المحكمة الدستورية بجنوب افريقيا
نوع المنتدى: 
محلي
ملخص: 

يولاندا دانيالز هي خادمة منزلية والعائل الوحيد بأسرتها، وهي تقيم في أحد المساكن بمزرعة منذ 16 عاما. وقد بدأت العيش هناك عندما كان زوجها السابق يعمل لدى المالك. وبقيت هي وأطفالها الثلاثة في المسكن بموافقة المالك بعد أن انفصل الزوجان.

تعتبر السيدة دانيالز "الشاغلة" بموجب قانون تمديد ضمان الحيازة (ESTA) رقم 62 لعام 1997. ويعطي قانون تمديد ضمان الحيازة فعالية للمادة 25 (6) من وثيقة الحقوق (Bill of Rights) التي تنص على أنّ: "الشخص أو المجتمع الذي تكون حيازته للأرض غير آمنة من الناحية القانونية نتيجة لقوانين أو ممارسات التمييز العنصري السابقة، له الحق، إلى الحد الذي ينص عليه قانون برلماني، إما في حيازة آمنة قانونيا أو في إجراء مماثل ينصفه."  ويُكفل للشاغلين، على النحو المحدد في قانون تمديد ضمان الحيازة، الكرامة الإنسانية والإقامة وضمان الحيازة وغيرها من الحقوق. وقد حدّد قانون تمديد ضمان الحيازة أيضًا الظروف التي يجوز فيها إنهاء حق الشاغل في الإقامة وإخلاؤه.

أرادت السيدة دانيالز إجراء تحسينات على المسكن على نفقتها الخاصة، بما في ذلك تركيب أنابيب مياه داخلية، وحوض غسيل، ونافذة ثانية، وسقف؛ بالإضافة إلى تسوية الأرضيات، وتعبيد جزء من المنطقة الخارجية. وقد اعترف المالك بأن هذه التحسينات ضرورية حتى يرقى المسكن للمستوى الأدنى للسكن البشري، وأن حالته الحالية تنتهك حق السيدة دانيالز في الكرامة الإنسانية. ومع ذلك، فقد رفض المالك الموافقة وحاول منعها من القيام بالتحسينات المذكورة أعلاه.

وعلى عكس ما أقرّت به ثلاث محاكم سابقا، فقد خلصت المحكمة الدستورية إلى أن قانون تمديد ضمان الحيازة (ESTA) يمنح السيدة دانيالز الحق في إجراء هذه التحسينات دون موافقة المالك. وقد أمرت المحكمة الأطراف "بالمشاركة الفعالة" فيما يتعلق بتنفيذ التحسينات.

وقد أقرت المحكمة بأن قانون تمديد ضمان الحيازة (ESTA) لا يضمن بصريح العبارة "للشاغلين" الحق في تحسين مسكنهم ليرقى إلى مستوى مناسب للسكن البشري. إلّا أنّ هذا التفسير قد جاء بناء على قراءة سياقية وهادفة للنظام الأساسي، بشكل يعزز من المساعي الرامية إلى تحقيق الأغراض التي سُنّ من أجلها، وفي هذه الحالة لمنح "الشاغلين" - حسب قانون تمديد ضمان الحيازة- "الكرامة التي حُرموا منها في ظلّ النظام الاستعماري والتمييز العنصري" (الفقرة 23).

ويرى البعض أنّ قانون تمديد ضمان الحيازة لا يمكنه تحمل تفسير مفاده أن "الشاغلين" يحق لهم إجراء تحسينات لضمان كرامتهم دون موافقة المالك، لأن "الشاغل" الذي يتم إخلاؤه في تاريخ لاحق يحق له أحيانًا الحصول على تعويض عن التحسينات التي تمت أثناء تواجده في العقار. إن السماح "للشاغلين" بإجراء تحسينات دون موافقة المالك سينتج عنه إلزام مالكي العقارات الخاصة بشكل غير مباشر بدعم تمتع الآخرين بحقوقهم في ضمان الحيازة والكرامة الإنسانية. كما يرى البعض الآخر أن وثيقة الحقوق (Bill of Rights) لا تفرض التزامات إيجابية على الأطراف الخاصة وغير الحكومية لضمان تمتع الأشخاص الآخرين بالحقوق الدستورية. وبرفض هذه الحجة، رأت المحكمة أن الأطراف الخاصة ملزمة، في بعض الظروف، بأحكام وثيقة الحقوق؛ وأنه في الحالات المناسبة، قد يفرض التطبيق الأفقي لوثيقة الحقوق واجبات إيجابية وسلبية على الأطراف الخاصة. وخلصت المحكمة في هذه القضية إلى أنّ " الواجب الذي يفرضه الحق في ضمان الحيازة، سواء في الشكل السلبي أو الإيجابي، يقع على عاتق الأشخاص العاديين" (الفقرة 49).

دلالة القضية: 

للحكم أهمية عملية فورية للعديد من الفقراء الذين لا يتمتعون بحق الحيازة القانونية الآمنة لأماكن إقامتهم.  

يمثل قرار المحكمة انطلاقة جديدة في دستورية جنوب إفريقيا تفتح الطريق لفهم أفضل للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. كما توصلت المحكمة إلى أنّ وثيقة الحقوق تُلزم في بعض الظروف الأطراف الخاصة بالمساهمة ببعض الكم من ثرواتهم وممتلكاتهم لأولئك الأقل حظًا حتى يتمكنوا من التمتع بحقوقهم الدستورية.

وتمثل الآراء القضائية لكلّ من القاضي مادلانجا (للمحكمة) والقاضي فرونيمان (مؤيّد) مثالًا على النهج القانوني الهادف والقائم على أسس تاريخية، وسياق حساس، والذي يهدف إلى تحقيق ما يطمح إليه دستور جنوب إفريقيا من دعم للعمليات والأساليب القانونية التي من شأنها أن تساهم في النهوض بالمجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتجدر الإشارة إلى أن موافقة القاضي فرونيمان على البحث تدعو إلى إعادة النظر في المفاهيم التقليدية للملكية والتبادل القائم على السوق. وهو يقول أنّ تدابير حماية للملكية الخاصة في القانون العام في جنوب افريقيا "لم تدعم الاستقلالية الشخصية والحرية الاقتصادية، بل إنّها قد عملت بشكل فعال ضدها". ويحث باقي القضاة على النظر إلى ما وراء الكفاءة الاقتصادية وآثار النمو الاقتصادي المترتبة على القواعد القانونية، بالإضافة إلى النتائج التوزيعية للقرارات القانونية. " إنّ الحق في الكرامة لا ينسجم بسهولة مع موضوع التبادل التجاري".

شكر خاص لعضو الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي، جامعة نورث إيسترن ومركز القانون والعدالة والمجتمع.