أعضاء جمعية لهاكا هونهات للمجتمعات الأصلية (أرضنا) ضدّ دولة الأرجنتين

خلصت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان إلى أن الأرجنتين قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 1.1 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان وكذلك المواد 2 و 8.1 و 21 و 23.1 و 25.1 و 26، وذلك بحرمان الشعوب الأصلية من حقوقها الأساسية المتمثلة في الملكية المشتركة، وبيئة صحية، وغذاء كاف، وماء، وهوية ثقافية ، وحماية قضائية في غضون فترة زمنية معقولة. ويُعتبر هذا الحكم المرة الأولى التي تخلص فيها المحكمة إلى وجود انتهاكات للمادة 26 من الاتفاقية، فيما يتعلق بالحق في بيئة صحية، والغذاء الكافي، والماء ، والهوية الثقافية.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المجتمعات -التي تم توحيدها تحت سقف واحد في إطار جمعية لهاكا هونهات ("أرضنا")- تتكون من أكثر من 10 آلاف فرد قد بدأوا نضالهم من أجل أراضي أجدادهم منذ عام 1984. وقد تم رفع دعوى قضائية دولية من قبل العضو "مركز الدراسات القانونية والاجتماعية"  منذ أكثر من 20 عامًا مضت.

 
تاريخ الحكم: 
6 فبراير 2020
المنتدى: 
محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان
نوع المنتدى: 
إقليمي
ملخص: 

رفع عدد من أعضاء جمعية لهاكا هونهات لحقوق الشعوب الأصلية دعوى قضائية ضد دولة الأرجنتين نيابة عن 132 من الجماعات التي تنتمي إلى الشعوب التالية Wichí (Mataco), Iyjwaja (Chorote), Komlek (Toba), Niwackle (Chulupí), Tapy'y (Tapiete) ، والتي تعيش على أراضي مسجلة في السجل العقاري تحت عدد 175 و5557 في مقاطعة سالتا (المعروفة سابقًا والمشار إليها في القضية على أنها القطع 14 و 55). حيث قامت مجتمعات الشعوب الأصلية برفع دعوى قضائية ضدّ دولة الأرجنتين لانتهاكها لحقها في الملكية المشتركة من خلال عدم توفير الأمن القانوني لأراضيها والسماح للمستوطنين الكريوليين باستغلالها والسكن فيها. كما لجأت هذه المجتمعات إلى القضاء لحماية حقوقها الأساسية في بيئة صحية، وغذاء كاف، والمشاركة في الحياة الثقافية، والحماية القضائية.

بعد إقامتهم على الأرض لقرون، تم إضفاء طابع رسمي على مطالبات السكان الأصليين للأرض لأول مرة في عام 1991 من خلال المرسوم رقم 2609/91، والذي يطالب مقاطعة سالتا بتوحيد القطع وتخصيص جزء من الممتلكات لهم كملكية مشتركة (سند ملكية واحد مشترك على عكس السندات الفردية). وفي عام 1992، تم تشكيل جمعية لهاكا هونهات للمطالبة بالسند الذي لم يتم استلامه بعد. وعليه، قامت الدولة في عام 1993 بإنشاء لجنة استشارية؛ وفي عام 1995، أوصت بتخصيص ثلثي مساحة الأراضي لمجتمعات الشعوب الأصلية، وقد تم القبول بذلك. ومع ذلك، قامت الدولة في عام 1995، دون استشارة مجتمعات السكان الأصليين، ببناء جسر دولي على أراضي الشعوب الأصلية. في عام 1999، قامت مقاطعة سالتا، بموجب المرسوم 461، بتخصيص أجزاء من القطعة 55 لعدد قليل من مجتمعات السكان الأصليين المستقرة هناك. وفي عام 2000، قدمت المقاطعة عرضًا لمنح القطعة 55، إلّا أنّ جمعية لهاكا هونهات رفضت العرض لأنه لم يتضمن القطعة 14، ولم ينص على الملكية المشتركة. واستجابةً لطلب الحماية القضائية الذي رفعته جمعية لهاكا هونهات في عام 1999 ضد المرسوم 461، ألغت محكمة سالتا المرسوم 461 في عام 2007 لأن الشعوب الأصلية لم يكن لديها فرصة كافية لإبداء آرائها. ثم قامت جمعية لهاكا هونهات بخفض مطالبتها من 643000 هكتار إلى 400000 وإعطاء 243000 هكتار لعائلات الكريول المقيمة بالقطعتين 14 و 55، واعتمدت مقاطعة سالتا المرسوم 2786/07 لتأييد الطلب المنقح. وعقب إصدار المرسوم، عقد فريق تابع لمقاطعة سالتا اجتماعات تهدف إلى التوصل إلى اتفاقات بين الكريول ومجتمعات الشعوب الأصلية.

وفي عام 2012، أصدرت مقاطعة سالتا المرسوم 2398/12 الذي ينص على تخصيص 243000 هكتارا من القطعتين 14 و 55 لمجتمعات الكريول و400000 هكتارا لمجتمعات الشعوب الأصلية. ثم في عام 2014، أصدرت المقاطعة المرسوم 1498/14، والذي قامت على إثره بنقل ملكية الأرضي إلى 71 من مجتمعات السكان الأصليين وعائلات الكريول كملكية مشتركة. وحتى الآن، لم تقدم الدولة أي سند ينص على الملكية المشتركة لجميع المجتمعات التي تشكل لهاكا هونهات، والتي يبلغ عددها الآن 132. وفي غضون ذلك، كان المستوطنون الكريول يقومون بأنشطة متعددة مثل القطع غير القانوني للأشجار وتربية المواشي والتسييج وغيرها من الممارسات، وذلك على أراضي مجتمعات السكان الأصليين. وقد أدت هذه الأنشطة إلى فقدان الموارد الحرجية والتنوع البيولوجي، وأثرت بشكل كبير على الطرق التقليدية التي يعتمدها السكان الأصليون  للحصول على الغذاء والماء.

قامت المحكمة بالنظر في (1) الحق في الملكية المجتمعية، (2) والحق في بيئة صحية، والحق في الغذاء الكافي، والماء، والهوية الثقافية، (3) والضمانات القضائية.

وذكرت المحكمة أن المادة 21 من الاتفاقية الأمريكية تشمل حق الشعوب الأصلية في الملكية المجتمعية أو المشتركة. وعلى الدولة أن تعطي لهذا الحق اليقين القانوني من خلال توفير سند قانوني يمكن لمجتمعات السكان الأصليين أن تفرضه على الحكومة والأطراف الثالثة. وعلى الرغم من أن المرسومين 2786/07 و1498/14 يشكلان إجراءات اعتراف بالملكية المشتركة، إلا أنه لم يتم استكمال الاجراءات المتعلقة بنقل الملكية. وذكرت المحكمة أن اللوائح الحالية التي تعتمدها الأرجنتين لضمان حق الملكية المجتمعية تعتبر غير كافية، وبالتالي فإنّ فيها انتهاك واضح للمادة 21 من الاتفاقية والمواد ذات الصلة 1.1 و 2 و 8 و 25. وأشارت المحكمة أيضًا إلى أنه، وعلى الرغم من أهمية الجسر الذي قامت الأرجنتين ببنائه، فإنّ الدولة قد انتهكت بذلك حقوق الملكية من خلال عدم استشارة مجتمعات الشعوب الأصلية، وبالتالي فقد انتهكت المادتين 21 و 23 من الاتفاقية.

وللمرة الأولى في تاريخها، قامت المحكمة بتحليل الحقوق في بيئة صحية، والغذاء الكافي، والماء، والهوية الثقافية، وذلك بموجب المادة 26 من الاتفاقية. وقد خلصت المحكمة إلى أن بعض الأنشطة التي يقوم بها المستوطنون الكريليون، مثل القطع غير القانوني للأشجار، قد أثرت بشكل سيء على طريقة حياة مجتمعات الشعوب الأصلية ومدى قدرتهم على الحصول على المياه والغذاء والتمتع ببيئة صحية. حيث أثر النظام الغذائي التقليدي ونمط حياة الكريول على طريقة حياة مجتمعات الشعوب الأصلية وهويتهم الثقافية. وعلى الرغم من أنّ الدولة  كانت على علم بهذه الأنشطة الضارة وتأثيرها على طريقة حياة السكان الأصليين، لم توقفها بشكل فعال. ونظرًا لأن هذه الأنشطة الضارة لم تكن تُمارس بموافقة مجتمعات الشعوب الأصلية، فإنّ هذا يعني أن دولة الأرجنتين لم تقم بضمان حق مجتمعات الشعوب الأصلية في تحديد الأنشطة التي تتم على ممتلكاتها، وبالتالي فقد انتهكت المادة 26 و 1.1 فيما يتعلق بالحق في بيئة صحية والغذاء والماء والهوية الثقافية.

أمّا فيما يتعلق بالحق في الضمانات القضائية، فقد خلصت المحكمة إلى أن الأرجنتين قد انتهكت المادتين 8.1 و 1.1 بعدم تقديم الضمانات القضائية لمجتمعات السكان الأصليين. وقد أمرت المحكمة   العليا الأرجنتينية محكمة مقاطعة سالتا بإصدار قرار بشأن المرسوم 461/99 في عام 2004، إلا أنّ محكمة سالتا لم تصدر قرارًا لمدة ثلاث سنوات أخرى ولم تقدم أي مبرر للتأخير.

أمرت محكمة البلدان الأمريكية الأرجنتين باستكمال جميع الإجراءات اللازمة لمنح حق ملكية للـ 132 مجتمعًا محليًا وإعادة توطين السكان الكريوليين إلى جانب أسوارهم وماشيتهم، بعيدًا عن أراضي السكان الأصليين، وذلك في غضون مدّة أقصاها ست سنوات. علاوة على ذلك، أمرت المحكمة الدولة (1) بالامتناع عن القيام بأي أنشطة في ممتلكات السكان الأصليين من شأنها أن تؤثر على قيمة هذه الممتلكات وعدم استخدامها دون استشارة مسبقة؛ (2) تقديم دراسة إلى المحكمة لتحديد الأسباب التي تحول دون تمكن الشعوب الأصلية من الحصول على مياه الشرب أو الغذاء، ووضع خطة عمل لمعالجة هذه المشاكل والبدء في تنفيذها؛ (3) إعداد دراسة، في غضون عام، عن الإجراءات الواجب اتخاذها لحفظ المياه ومعالجة التلوث، وتجنب فقدان الموارد الحرجية واستعادة مصادر الغذاء المفقودة؛ (4) إنشاء صندوق لتنمية المجتمعات ووضعه حيز التنفيذ في غضون أربع سنوات؛ (5)  نشر قرار المحكمة وملخصها بما في ذلك الترجمة إلى لغات السكان الأصليين في غضون ستة أشهر؛ (6) اعتماد تدابير تشريعية أو اتخاذ إجراءات أخرى لضمان إعطاء اليقين القانوني لحق الشعوب الأصلية في الملكية المشتركة؛ (7) دفع مبلغ لسداد المصاريف والتكاليف.

قدم ثمانية من أعضاء الشبكة – وهم الجمعية الأهلية للمساواة والعدالة، منظمة العفو الدولية ، الرابطة المشتركة في أميركا اللاتينية للدفاع عن البيئة ، اللجنة الكولومبية للحقوقيين، مركز القانون والعدالة والمجتمع ، شبكة المعلومات والعمل الدولية بشأن أولوية الغذاء، منظمة رصد العمل الدولي من أجل حقوق المرأة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ و المجموعة الدولية لحقوق الأقليات - ملخصا لأصدقاء المحكمة لمناقشة اشتقاق الحقوق في البيئة الصحية والغذاء الكافي والماء والهوية الثقافية والفصل فيها ومضمونها. كما قام العضو مؤسسة المحاكمة العادلة طبقًا للأصول، إلى جانب عدد من الحلفاء، بتقديم ملخصا لأصدقاء المحكمة بشأن ""المعايير الدولية والفقه المقارن بشأن ترسيم حدود أراضي الشعوب الأصلية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".

تطبيق القرار والنتائج: 

أمرت محكمة الدول الأمريكية الأرجنتين في حكمها (8) بتقديم تقارير نصف سنوية عن التدابير المعتمدة لاسترداد الحق في الملكية؛ و (9) إبلاغ المحكمة خلال سنة بالتدابير المتخذة للامتثال للحكم.

المجموعات المنخرطة في القضية: 
دلالة القضية: 

تكمن أهمية هذه القضية في كونها توضّح التزامات الدولة بموجب المادة 26 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنّه يتعين على الدول حماية حقوق الشعوب الأصلية واتخاذ كافّة التدابير اللازمة لضمان عدم تعدّي المستوطنين غير الأصليين على حقوق السكان الأصليين. ومن خلال الأمر بإعادة توطين السكان الكريوليين، سلطت المحكمة الضوء على أهمية الحفاظ على أراضي الشعوب الأصلية لضمان بقائهم الثقافي. وقد جاءت هذه القضية كتذكير بالحاجة إلى التصدي إلى جميع الانشطة والممارسات غير القانونية التي يقوم بها الكثير من السكان غير الأصليين على أراضي الشعوب الأصلية في مختلف بقاع العالم.

شكر خاص إلى عضو الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي، جامعة نورث إيسترن، على مساهمته القيمة في هذا الملخص.