كسر دائرة الاستدانة والفقر: دعوة لنهج يعتمد على الرعاية لإعمال عدالة الديون

تاريخ النشر: 
الخميس, 15 حزيران, 2023
من الضروري الاعتراف بتأثير الديون التي لا يمكن تحملها على المرأة وإعطاء الأولوية للرعاية لتحقيق العدالة المتعلقة بالديون. وهذا يعني توفير الحماية الاجتماعية والدعم للمجتمعات المهمشة والفقيرة ، بما في ذلك العمال المنزليون.

p1_blog_care-centered_approach_to_advance_justice.jpeg

ESCR-Net Members in a systemic Critique Workshop about Debt and Care
ESCR-Net Members in a systemic Critique Workshop about Debt and Care

 

إننا نسمع طوال الوقت ونتكلم عمّا يُدعى بأزمة الديون. إنه مفهوم لا زال مجرداً لبعضنا، خاصة من يعيشون في الدول الأكثر استدانة.

 

في عالمنا المعاصر، تُعد الديون حقيقة واضعة في دول الجنوب العالمي ومن يعيشون فيها. وتظهر عواقب هذه الأزمة في الفترة الأخيرة في الحياة اليومية، لا سيما في دول الجنوب العالمي.

 

إن الدول مثل الأرجنتين وأوغندا ومصر وهايتي – وهذه مجرد أمثلة – هي أمثلة واضحة على آثار شروط الديون المشددة التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

في مايو/أيار 2018، تعرضت الأرجنتين لأيام من الاحتجاجات العنيفة ضد تدهور الوضع الاقتصادي. وفي يوليو/تموز من العام نفسه، تعرضت بورت – أو – برينس وهي عاصمة هايتي، لاضطرابات موسعة وشلل كامل لجميع الأنشطة طيلة خمسة أيام بعد أن أعلنت الحكومة عن ارتفاع كبير في أسعار الوقود. تدخل هذه القرارات لسلطات الدول المعنية في إطار إجراءات التقشف التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية. لكن المظاهرات ودعوات الشعوب لتدنب وتلافي هذه المطالبات والاشتراطات المالية يتم تجاهلها. من ثم، فإن الدول المدينة ديون ثقيلة تُضطر إلى عمل خصومات هائلة من البرامج الاجتماعية، وتعرض بشكل عام للخطر معاش الفئات والمجتمعات المهمشة تاريخياً، لا سيما النساء من جميع الفئات.

 

وعندما تضرب جائحة عالمية مثل كوفيد، يتصاعد الوضع بسرعة. أوضحت جائحة كوفيد مركزية رعاية الحياة والحفاظ على الكوكب وضرورة تحري استمرارية الاقتصادات والمجتمعات. لقد عمّقت الجائحة من الفجوات في توزيع أعمال الرعاية، وفرضت عبئاً أثقل على النساء والفتيات، ما أدى إلى أزمة في اقتصاد الرعاية العالمي.

الديون غير المستدامة تؤثر على عمال الرعاية

تشمل إجراءات التقشف اقتطاعات من الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم والضمان الاجتماعي وتؤثر بصورة خاصة غير متناسبة على النساء. في مجتمعاتنا الأبوية، اضطرت النساء إلى التعامل من خلال بُنى تطبّع الرعاية بصفتها مسؤولية المرأة حصراً وجوهر قيمتها في الحياة. لذا تضطر النساء إلى تولي أعمال رعاية أكثر، ما يجعل مشاركتهن في العمل مدفوع الأجر أو التعليم مسألة صعبة. كما أن أعمال الرعاية تبقى غير مدفوعة الأجر، وغير معترف بها، وخفية عن الأعين كمساهمة قيمة، وتزيد خصخصتها وتسليعها كمصدر ربح للشركات.

إن العمالة المنزلية، وأغلبها من النساء، تواجه الاستغلال والانتهاكات من أصحاب العمل. عادة ما لا تحصل عاملات المنازل على أجور عادلة، وهن مضطرات للعمل لساعات طويلة دون أوقات راحة. يؤثر هذا بشكل كبير على صحتهن النفسية والبدنية، وعلى قدرتهن على رعاية أسرهن. كما أن قوانين العمل نادراً ما تغطي هذا النوع من العمل، ولا يُتاح لهؤلاء النساء تدابير الحماية الاجتماعية، ما يجعلهن معرضات للديون والفقر. دون عدالة ورعاية لصالح هاته النساء، فإن دورة الديون والاستغلال سوف تستمر، مؤثرة على أجيال المستقبل.

 

كما تتأثر حقوق الأطفال، فيما يخص حصولهم على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، وهي الخدمات والقطاعات الآخذة في التآكل. في النهاية، يؤدي هذا إلى دورة من الفقر تضر بصورة مباشرة بالنساء كراعيات، وتعمق من إفقار النساء لعقود وأجيال.

إن الاهتمام بالرعاية مع إعمال عدالة الديون أولوية أساسية للتصدي للآثار المدمرة للديون غير المستدامة.

 

إرادة الاتحاد وإيصال الأصوات والسعي وراء إعمال عدالة الديون

الإقرار بآثار الديون غير المستدامة على النساء وإعلاء أولوية الرعاية لتحقيق عدالة الديون مسألة ضرورية كل الضرورة. هذا يعني توفير تدابير الرعاية الاجتماعية والدعم للمجتمعات المهمشة والمُفقرة، بما يشمل عاملات المنازل، وإنفاذ قوانين العمل.

 

في الشبكة، مع الحلفاء، يستمر أعضاء الشبكة العالمية في البناء على المناقشات الدائرة حول الديون والرعاية. إن الميثاق الاجتماعي الجديد للرعاية الذي أعدّه الأعضاء، يقدم إطار عمل من ست نقاط من أجل إعادة توزيع أعمال الرعاية وضمان التمثيل والاعتراف بمقدمات أعمال الرعاية. ويهدف الإطار إلى تعزيز الاقتصاد النسوي والدفع بسياسات من أجل تقليص عبء الرعاية وإعادة تأطير الاقتصاد، وكفالة الحقوق لمقدمات الرعاية ومستقبليها. إن اقتصاد الرعاية يعلي أولوية رفاه الناس على الأرباح ومصالح السوق. يتطلب هذا الإقرار بالكلفة البشرية للديون والتصدي لها.

 

لتحقيق هذا الهدف، إضافة إلى تحسين فهم الاقتصاد النيوليبرالي وجذوره، ثمة حاجة إلى حدوث تحوّل في كيفية تأطيرنا مفاهيمياً للديون والتصدي لها. يجب أن ننتقل من التركيز الضيق على استدامة الديون وسدادها، نحو نهج إنساني أكثر يقر بجوانب الديون الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

 

لهذا يناقش أعضاء الشبكة العالمية باهتمام قضايا السياسات الاقتصادية والمرأة والعدالة المناخية، المتصلة بعضها ببعض. من 12 إلى 15 يونيو/حزيران تستضيف الشبكة العالمية والمنظمة العضو مركز الدراسات القانونية والاجتماعية (سيلس) ورشة نقد ممنهج في الأرجنتين. تهدف الورشة إلى فحص العلاقة بين الديون السيادية وأعمال الرعاية، بالتركيز على تفكيك وتحليل هذا التقاطع.

 

تهدف الورشة إلى مناقشة القضايا الأعمق وراء الرأسمالية النيوليبرالية التي تؤدي إلى الديون غير المستدامة. يشمل هذا ممارسات الإقراض المتسمة بالطمع البالغ، وغياب الشفافية في مفاوضات القروض وعدم كفاية النظم الحاكمة للقطاع المالي. سوف تركز الورشة على التعرف على فرص تعزيز النماذج الاقتصادية والتنموية البديلة والدفع بالتغيير وتنظيم الحملات للتصدي لتناقضات النظام القائم.