الأمر رقم 200 لعام 2007

في عام 2004، أصدرت المحكمة الدستورية في كولومبيا حكمها في قضية T-025 ، معلنةً عن وضع منافٍ للدستور في ما يتعلق بوضع ملايين الأشخاص النازحين داخليًّا بسبب النزاع المسلّح في البلاد. يُعزى الوضع المنافي للدستور إلى الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان المقرونة بإخفاقات نظامية من قبل الدولة في حماية الأشخاص النازحين داخليًّا. في مسعى لإنهاء الوضع المنافي للدستور، أنشأت المحكمة هيكلية للمتابعة تتكوّن من نوعين: (1) الإجراءات الخاصة لتقييم التقدّم الذي تحرزه مختلف وكالات الدولة، وهي تشترط على كل وكالة رفع تقارير دورية عن امتثالها لأوامر المحكمة؛ (2) والأوامر اللاحقة،وهي مواد مكتوبة أعدتها المحكمة تستفيض في شرح حكم المحكمة رقم T-025 وتوضّحه، مع تركيز خاص على مجموعة الأشخاص الأشد عرضة لخطر النزاع المسلّح الداخلي والمتأثرين به على نحو غير متناسب. يُعالج الأمر رقم 200 الوضع الخطر الذي يواجهه المدافعون عن حقوق الإنسان في سياق النزاع المسلّح والنزوح.

تاريخ الحكم: 
13 أغسطس 2007
المنتدى: 
المحكمة الدستورية في كولومبيا، غرفة المراجعة الثانية
نوع المنتدى: 
محلي
ملخص: 

استهلت المحكمة جلستها بتحليل أسباب استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان أثناء النزاع المسلّح والنزوح، مسلّطةً الضوء على العوامل الرئيسة التالية: (أ) وصفهم بـ "المبلغين" أو "المخبرين" من قبل الفصائل المسلّحة؛ (ب) ونوع المعلومات التي يتعاملون معها بحكم مناصبهم التنظيمية؛ (ج) والنظر إليهم على أنهم عقبات أمام تطلّعات الجماعات المسلّحة لإحداث اختراق اجتماعي وتوغل في الأراضي؛ (د) وظهورهم الاجتماعي الذي تستغله الفصائل المسلّحة مستخدمة اضطهادهم أداةً للترهيب.

لاحظت المحكمة بقلق تقاعس الحكومة عن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان. على سبيل المثال، تُقابل الالتماسات التي يقدمها المدافعون عن حقوق الإنسان بالرفض، ويتأخر حصولهم على المساعدات وتُهمل شروط سلامتهم. هذا ناهيك عن أعمال الانتقام وعمليات الاستهداف التي تطال المدافعين عند لجوئهم إلى السلطات الحكومية طلبًا للدعم. وهذا يعني أن المدافعين بذهابهم إلى السلطات يخاطرون بحياتهم ليُقابلوا بالتلكّؤ وعدم الأمن بسبب التقاعس الحكومي.

لا يؤدي هذا التقاعس الحكومي إلى نشوء حالة دائمة من القلق وعدم اليقين وعدم الأمان في نفوس المدافعين عن حقوق الإنسان وحسب، بل يقود إلى ارتفاع معدل النزوح وطلب اللجوء في البلدان الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، وجدت المحكمة أن هذا التقاعس يرقى إلى مستوى انتهاك حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان في الحياة والسلامة الشخصيّة.

تتمتع هذه الحقوق بالحماية بموجب الالتزامات الدولية الواقعة على كولومبيا وبموجب الدستور في آن معًا. على سبيل المثال، في الحكم رقم T-719، أكدت المحكمة أن الحق في السلامة الشخصيّة يُفعّل الالتزامات باعتماد تدابير وقائية شاملة يتناسب نطاقها وشدتها ومدتها مع المخاطر التي يواجهها كل فرد. وعلى هذا النحو، إنّ السلطات الدستورية ملزمة بتحديد الخطر، وتقييم مصدره، وتحديد التدابير اللازمة لحماية الحق، وتنفيذ التدابير المذكورة وتقييمها على نحو دوريّ. علاوة على ذلك، أثبتت القضية قرينة وجود خطر على النازحين تحققت عن طريق: (أ) تقديم شخص نازح إلى السلطة التماسًا بتوفير الحماية، (ب) ومعرفة السلطة المختصة  بالفعل بأمر هذا الالتماس، (ج) وعرض الالتماس معلومات تُبيّن ظاهريًّا أن الشخص نزح بالفعل بسبب العنف، وعلى أثرها أحيل الالتماس إلى السلطات المختصة وسُجل في السجل الموحد للسكان النازحين، (د) إشارة المعلومات المقدّمة على وجه الخصوص إلى تهديد محدد لحياة مقدّم الالتماس أو أسرته وسلامتهم. أخيرًا، يجب أن تكون التدابير واقعية وفعّالة وكافية، ويجب إعطاء الأولوية لقضايا الشعوب الأصلية، والكولومبيين المنحدرين من أصل أفريقي، وكبار السن، والأمهات ربّات الأسر، والأطفال والمراهقين، والأشخاص ذوي الإعاقة، والأشخاص من مجتمع الميم. 

بعد ذلك، درست المحكمة قضايا الفرادى من المدافعين عن حقوق الإنسان في مختلف المناطق الكولومبية بغية: (ذ) إظهار عدم كفاءة الحكومة في ما يتعلق بهؤلاء الأفراد ومجتمع المدافعين عن حقوق الإنسان عمومًا، (2) وإصدار أوامر بتوفير سبل انتصاف محددة وفورية وكاملة لهؤلاء القادة. على سبيل المثال، قيّمت المحكمة في منطقة توليما قضايا نحو تسعة عشر قياديًّا طلبوا من الحكومة مساعدتهم في عام 2001 في مواجهة التهديدات والاغتيالات التي يتعرض لها أفراد مجتمعهم، لكن لم تُمد لهم يد العون. فعلى سبل المثال، قدّم لويس أل أل أربعة عشر التماسًا بالحصول على المساعدة بعد تلقيه العديد من التهديدات التي تمس حياته وحياة أسرته، وكان يعرف العديد من المدافعين المقرّبين منه الذين قضوا في عمليات الاغتيال، مع ذلك لم يتلق  أي رد من الحكومة. أمرت المحكمة في هذه القضية الحكومة بتقييم إجراء وقائي فعّال للويس وتصميمه وتنفيذه بعد خمسة أيام من نشر الأمر رقم 200.

على نحو ما بيّنت قضية لويس أل أل، كانت استجابة الحكومة لأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان ترقى إلى مستوى الفشل النظامي. حددت المحكمة المشكلات التالية: (1) الإخفاق في معالجة طلبات المساعدة بالأولوية التي تستحقها دستوريًّا؛ (2) والإخفاق في حماية أفراد أسر المدافعين عن حقوق الإنسان؛ (3) والافتقار إلى مقاربة تراعي الأثر غير المتناسب الذي يشعر به المدافعون عن حقوق الإنسان؛ (4) والإخفاق في معالجة طلبات المساعدة التي قدّمها المدافعون عن حقوق الإنسان في الوقت المناسب؛ (5) والإخفاق في إعداد دراسات تتناول عوامل الخطر؛ (6) وإعداد دراسات غير صحيحة عن الخطر تضع الناس في أوضاع أفضل من الأوضاع التي يعيشونها بالفعل.

تطبيق القرار والنتائج: 

أمرت المحكمة مدير برنامج الحماية بتحسين ظروف المدافعين عن حقوق الإنسان وتعزيز إمكانية وصولهم إلى العدالة عن طريق وضع برنامج لحمايتهم في غضون شهر واحد، على أن يبدأ تنفيذه في مهلة لا تتعدى ثلاثة أشهر من تاريخ إنشائه.

دلالة القضية: 

تُعد كولومبيا واحدة من أشد البلدان فتكًا بالمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم. يمارس المدافعون عن حقوق الإنسان دورًا حاسمًا في مناصرة حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والسلام في كولومبيا. مع ذلك، غالبًا ما يقودهم عملهم إلى النزاع مع المصالح القوية من جماعات مسلّحة وتجار مخدرات وفاسدين داخل الحكومة أو قوات الأمن. مما يجعلهم عرضة لخطر العنف والتهديدات والترهيب. يؤدي هذا القرار عملاً مهمًّا في رصد حالة المدافعين عن حقوق الإنسان ومعالجتها لحمايتهم وضمان ممارستهم لعملهم الحيوي غير خائفين من العنف أو الاضطهاد.