أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكدوا دعمهم للميثاق المشترك للنضال الجماعي

تاريخ النشر: 
الأربعاء, 14 ديسمبر, 2016

أثناء الكلمة الختامية للاجتماع الاستراتيجي العالمي التي ألقاها ممثلو مجموعة عمل الحركات الاجتماعية بالشبكة العالمية، ارتفعت أكثر من 140 يدا في الهواء مؤكدة على اعتماد الميثاق المشترك للنضال الجمعي (الميثاق) كقاعدة للتحليل المشترك والتوجيه من أجل العمل الجماعي للفترة المقبلة. تم اعتماد الميثاق كإطار عمل للنقاش الجماعي حول كيفية التصدي للظروف المشتركة التي تدفع المجتمعات إلى مختلف النضالات: الإفقار والاستلاب وسط حالة من الوفرة وهيمنة الشركات على الدول وتعمق اللامساواة وتدهور النظم البيئية والتغير المناخي والقمع المتزايد. في الشهور السابقة على الاجتماع، أسهم أعضاء كل من مجموعات عمل الشبكة العالمية بآرائهم ونقاط ومقترحات إضافية لتعزيز نص الميثاق. هذا الميثاق المُنقح عُرض وتمت مناقشته في مجموعات صغيرة في اليوم الثاني من أيام الاجتماع الاستراتيجي العالمي، قبل أن يصدق عليه أعضاء الشبكة العالمية في الجلسة الأخيرة للاجتماع.

ظروف عالمية واحدة وتحديات مشتركة

يبدأ الميثاق بمناقشة بعض توجهات السياق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي يعمل فيها أعضاء الشبكة العالمية بهدف رفعة وتعزيز حقوق الإنسان. هذه الظروف تشمل الإفقار والاستلاب وسط حالة من الوفرة ما يؤدي إلى اتساع فجوة الثروة وبروزها أكثر بسبب الممارسات الاقتصادية السياسية والتي ورغم وجود موارد عالمية كافية قادرة على ضمان رفاه البشر، تتركز الموارد والسعة الإنتاجية في عدد أقل وأقل من الأيدي. رفض أعضاء الشبكة العالمية القول بأن الفقر نتاج طبيعي للاقتصاد العالمي، ونددوا بتسليع البشر والطبيعة واستلاب سبل العيش وتوليد الدخل، وتهميش النساء وتجريم الفقراء. شدد المشاركون على تصميمهم على مناوئة هيمنة الشركات على المؤسسات الحكومية ومواجهة الدولة البوليسية المنحازة للشركات، والتي وطبقاً لـ ميلونا داكلان ريبونتى من مؤسسة "ديفيند جوب" الفلبينية: "يزيد تقبلها بشكل مطرد لاستخدام الشرطة والجيش لخدمة مصالح رأس المال بدلاً من الناس".

أشار الأعضاء لأن تاريخياً، كثيراً ما تم تبرير تعميق اللامساواة وتجذيرها بالتنميط الجندري والعنصرية والتمييز ضد الأقليات، وكذلك باستغلال أشكال أخرى من الخوف والتحيز. أشاروا لأن تاريخ الاضطهاد والقمع – الممتزج عادة بالاستغلال والاستلاب – يعني أن النساء وبعض الجماعات الأخرى يجري استبعادهم بشكل غير متناسب وإفقارهم. أوجه اللامساواة هذه يفاقم منها أيضاً التغير المناخي وأشكال أخرى من تدهور النظم البيئية عن عمد ومن منطلق الإهمال واللامبالاة، ومن النظم البيئية المقصودة الغابات والأنهار والمحيطات. هذه الظروف تؤثر أكثر ما تؤثر على أفقر الناس في العالم، الذين يعتمد بقائهم على قيد الحياة على هذه النظم البيئية، ويعيشون عادة في مناطق بعيدة عن مصادر الانبعاثات الكربونية المؤدية لتدهور النظم البيئية.

كما يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان المعنيون بمناصرة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قمعاً متزايداً وهو – بحسب الميثاق – دعمته سياسة أعرض قوامها التحريض على الخوف والتحيز، تسم المدافعين عن حقوق الإنسان كمجرمين وضد دولهم ومتطرفين وغير قانونيين بأشكال أخرى. رداً على هذا الواقع، ينادي الميثاق المدافعين عن حقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحركات الاجتماعية بالتصدي بشكل جمعي للأسباب الجذرية التي دفعت الحركات الاجتماعية للاحتشاد والتشكل في المقام الأول، من أجل الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعزيزها، مع اتخاذ التدابير التضامنية اللازمة.

منذ تأسيس الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كانت تقودها بعض المبادئ الأساسية، ومنها الالتزام بضمان التنوع الإقليمي، ومركزية المجموعات الشعبية والحركات الاجتماعية والتوازن بين الجنسين في القيادة والتحليل العابر للقطاعات. كما سعت الشبكة بشكل قصدي إلى أن تجعل أنشطتها تخرج من التجربة المُعاشة للمتضررين من الانتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع دعم التحركات الملموسة والجماعية القادرة على إحداث تغيرات منهجية. الميثاق مثال واضح على التزامات الشبكة بهذه المبادئ.

كوثيقة خرجت من مجموعة عمل الحركات الاجتماعية ومرت على الأعضاء من مختلف المناطق لإضافة آرائهم فيها، يطالب الميثاق أيضاً بالانتباه إلى الآثار غير المتناسبة للظروف المذكورة أعلاه على النساء وأعضاء جماعات بعينها. دفعت التوجهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة النساء تحديداً إلى حالة من العرضة للخطر والهشاشة فيما يخص فرص العمل، وفاقمت من استبعاد النساء من تملك الأراضي والتمويل والموارد الإنتاجية الأخرى، وفاقمت من اقتصار قدرتهن على الاستفادة من الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، وجعلت إسهاماتهن الاقتصادية غير ظاهرة. بالمثل، يقر الميثاق بالقمع والاستغلال التاريخيين للشعوب الأصلية، والمجتمعات من أصول أفريقية، والأفراد ذوي الإعاقات، والأشخاص المنتمين إلى طبقات أدنى والمثليات والمثليين ومغايري الهوية الجنسانية جميعاً، والمهاجرين واللاجئين، فضلاً عن فئات أخرى. بالتصديق على الميثاق، شدد الأعضاء على التزامهم بتعزيز المساواة الحقيقية للمرأة وللجماعات المهمشة الأخرى، واهتمامهم بعمل تحليل عابر للقطاعات في كافة مجالات عمل الشبكة العالمية.

نقاط الاتفاق

بناء على التحليل المشترك للظروف العالمية، فإن الميثاق المشترك للعمل الجمعي يعدد أيضاً نقاط الاتفاق التي تربط ما بين النضالات والرؤى المختلفة، من أجل عمل جماعي أكبر وحملات تضم جميع أعضاء الشبكة، بناء على مبادئ وقناعات الوحدة بين مختلف النضالات والأنشطة الخاصة بأعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقاط الاتفاق تبدأ بالسعي المشترك للتأكيد على حقوق الإنسان. طبقاً لـ لاري كوكس من مركز كايروس للأديان والأعراق والعدالة الاجتماعية، فهذا يتطلب أن "نتذكر مصدر قوة حقوق الإنسان... التاريخ واضح، بأن الحكومات تتعامل مع حقوق الإنسان بجدية فقط عندما تضطر إلى هذا من منطلق تحرك الناس للنضال من أجل هذه الحقوق. هو حقاً نضال عالمي للناس من كافة البلدان، وهو النضال الذي أعطى لهذه الحقوق قوتها".

من أجل مواجهة الظلم الذي يسم حالة الحراك لأجل حقوق الإنسان اليوم، يدعو الميثاق قادة الجماعات الشعبية والمناصرين للحقوق إلى تعميق الصلات بين نضالاتهم والبدء في فهم الصلات كجزء من حركة عالمية موحدة لمناهضة الظلم واللامساواة والاستلاب والاستغلال. هذه الحركة من شأنها – من بين جملة أمور – أن تواجه القوة غير المتناسبة للشركات وقدرتها على فرض نفوذ غير مستحق على العمليات الديمقراطية. من شأنها أن تطالب الحكومات في العالم أجمع بالاعتراف بالغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم والأمن الاجتماعي وأمور أخرى بصفتها حقوق قبل أي شيء، تستتبعها التزامات مُلزمة قانوناً، وليست مجرد "أهداف" يمكن أن نطمح إليها.

إن الحركة العالمية المكونة من أنشطة مترابطة باتجاه العدالة الاجتماعية من شأنها أيضاً – كما ورد في الميثاق – أن تشكك في التوجه السائد نحو الربحية لا رفاه الأغلبية العظمى من البشر، مع تعمق اللامساواة وتهديد الكراكة الإنسانية من منطلق الفقر الذي يكابده الملايين من الناس ويتعايشون معه. بدلاً من فهم الفقراء كضحايا لنظام مجحف، يدعو الميثاق إلى الالتزام بدعم قيادة الفقراء والمهمشين في جهود التغير الاجتماعي الإيجابي، بناء على تجاربهم الحياتية.

يعرّف الميثاق بوضوح القوى والتوجهات والآليات التي يجب مكافحتها. كما قالت إيدا لوبلانش من الاتحاد الوطني للموظفات المنزليات في ترينيداد وتوباغو: "الحركات الاجتماعية بالشبكة العالمية تطالب بشيء واحد: إنهاء الفقر والعنف ضد الفقراء ومن يناضلون للدفاع عن حقوقهم". لكن في هذا أيضاً إشارة إلى الطريق المرسوم أمامنا: دعوة لتوحيد وتدعيم النماذج البديلة التي تؤكد على الكراكة الإنسانية وتطالب بالمساواة الحقيقية للجميع وتصون الحق في المطالبة بالحقوق وتسعى لمستقبل واحد لنا جميعاً. كما قال هرمان كومارا من المنظمة الوطنية التضامنية للمصائد السمكية في سريلانكا فإن "من الممكن تحقيق عالم آخر، ومن الضروري تحقيقه، ونحن القاطرة التي ستنقلنا إليه".

بعد الكلمة الختامية لممثلي مجموعة الحركات الاجتماعية، سجّل أعضاء الشبكة العالمية موافقتهم على الميثاق كوثيقة توجيهية للعمل الجماعي من الآن فصاعداً. من ثم، التزم المشاركون أيضاً ببذل الجهد للتعرف على الصلات والمشتركات بين النضالات المتنوعة، وتعميق التحليل للظروف الممنهجة التي تواجه العديد من المجتمعات، كما طالبت مجموعة عمل الحركات الاجتماعية. هذا يشمل أيضاً الالتزام ببدء عملية لتطوير الأعمال الجماعية المنسقة، وربما أيضاً القيام بحملة استجابة لإلحاح اللحظة وللاستفادة من قوة الصوت المشترك والجمعي للشبكة.

وعلى صلة بهذه النضالات، فمن شأن خطة متماسكة للعمل الجماعي المنسق – ربما على هيئة حملة عالمية – أن تكشف تناقضات النظم الاقتصادية والسياسية المتصلة بها الحالية وتسلط الضوء على بدائل تحولية، وأن تبني أيضاً التحليلات وروح القيادة الأعرض اللازمة لـ "حركة عالمية لجعل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية حقيقة مُعاشة للجميع".