لقاء تبادلي على نطاق الشبكة يناقش ضمان حقوق الناس في الأرض والكوكب

تاريخ النشر: 
الأربعاء, 26 مايو, 2021

استضافت الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السابع والعشرين من أبريل/نيسان 2021 مناقشة على الإنترنت تناولت الحقوق في الأرض. فقد عُقد اجتماع افتراضي ضم ما يزيد على خمسين عضوًا من شتى أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشمالية بغية عرض التجارب والتعلّم منها وتعزيز التحليل المشترك والسرود المشتركة بشأن الأرض، والمظالم التاريخية والأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان والبيئة المتصلة بالأرض. تولى مشروع البيئة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على نطاق الشبكة بالتعاون مع الفريق العامل المعني بالمرأة والفريق العامل  المعني بالسياسة الاقتصادية تنسيق هذا الحدث الافتراضي وتنظيمه.

كان الهدف  من هذا الحدث تعزيز العمل الجماعي الحالي بشأن الأرض، إذ يعمل ما يزيد على نصف أعضاء الشبكة العالمية في مجال الحقوق في الأرض. فجدد أعضاء الشبكة العالمية تأكيد أهمية الاستمرار في النهوض بالدعوة الجماعية والعمل والتقاضي لضمان حقوق الناس في الأرض والكوكب، وذلك بالاستناد إلى التحليل القوي والأفكار البناءة المنبثقة عن هذا اللقاء الافتراضي.

تضمنت المناقشة أربعة محاور متقاطعة للتبادل:

  • مواجهة سلطة الشركات: التصدي لأمولة الأرض – النضال من أجل الحقوق في الأرض؛
  • والعدالة المناخية، حماية التنوع البيولوجي، وحقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في الأراضي؛
  • وحماية  المدافعين عن حقوقنا في الأرض والبيئة؛
  • والنضال من أجل التغيير النظامي.

أدلى عدد من الأعضاء في خلال هذا الحدث بمداخلات رسمية نذكر منهم: ديبي ستوثارت (شبكة آسيان البديلة بشأن بورما)، إلغا بيتي أنغولو غوتيريز (اتحاد الفلاحين في بيرو)، فايث ألوب (تحالف الأرض في كينيا)، غام أ. شيمراي (ميثاق الشعوب الأصلية في آسيا)، جواو كارلوس سانشيز جوتو (عدالة على القضبان)، أدام بارنز (كايروس: مركز الأديان والحقوق والعدالة الاجتماعية)، وسبو زيكود (حركة ساكني الأحياء الفقيرة). وأدارت كلّ من صوفيا فونسلاف (شبكة المعلومات والعمل الدولية بشأن أولوية الغذاء) و هيلين توغندهات (برنامج شعوب الغابات) على التوالي جلسات سلطة الشركات وأمولة الأرض، والعدالة المناخية وحماية التنوع البيولوجي.

أشار الأعضاء في سياق النقاش إلى أن الأرض شرطٌ لازم لإعمال العديد من حقوق الإنسان بما فيها الحق بمستوى معيشي لائق والحق في الغذاء والصحة والسكن والمياه والبيئة الصحية والمساواة والثقافة وتقرير المصير، من جملة حقوق أخرى. لما كانت حياة كل إنسان لملايين البشر تعتمد  مباشرةً أو غير مباشرةً على الأرض، فإن هذه العلاقة المترابطة مع الأرض أوثق من ذلك حيث تعتمد هذه المجتمعات بصورة مباشرة على الأرض لكسب الرزق والمعيشة والانصهار الاجتماعي والبقاء  الثقافي والروحي. مع ذلك، يفتقر الملايين من الناس إلى الوصول الآمن إلى الأراضي الملائمة أو استخدامها أو التحكم بها ،وهناك آخرون لا يملكون أرضًا. يُمكن القول إن عمليات استيلاء الشركات على الأراضي قد تضاعفت في خلال أزمة كوفيد-19، وهذا الأمر كان له ضلعٌ في  القمع المتنامي للمدافعين عن حقوق البيئة، وذلك عن طريق هيمنة الشركات بما في ذلك خصخصة قوات الأمن العام.

أكد الأعضاء أنه يستحيل معالجة قضية الحقوق في الأرض من غير تحليل الهيكل المالي العالمي والضغط الذي يمارسه على الأراضي فضلًا عن الغابات ومصايد الأسماك والمياه. فقالت صوفيا  مونسلاف (شبكة المعلومات والعمل الدولية بشأن أولوية الغذاء) في هذا الإطار " نحن لا نواجه شركة وحسب بل نواجه هيكلًا عالميًا كاملًا: الجهات الفاعلة، صناديق التقاعد، صناديق إدارة رأس المال، الملاذات الضريبية، وعادة ما تكون هذه الجهات الفاعلة سرية." بحث الأعضاء سبل مواجهة النظام الرأسمالي المعقد الذي يعطى الأولوية للربح والنمو على حساب الحقوق والاستدامة. فذكّرت فايث ألوب (تحالف الأرض في كينيا) بإمكانية العثور على اختلال في توازن القوة بسبب الافتقار إلى إمكانية الوصول إلى المعلومات: "بعيدًا من المظالم التاريخية المرتبطة بالأرض، لدينا مشكلات في إمكانية الوصول إلى المعلومات. وعندما نتحدث عن الوصول إلى المعلومات نقصد المشروعات الضخمة، هناك توزان دقيق بين قضايا الإفصاح  والحقوق في الوصول إلى المعلومات العامة.. حقوق المجتمعات والجمهور عامةً بالوصول إلى المعلومات. مثل مسألة الأرباح، مثل مسألة صرف الإتاوات. ما هو مقدار الإتاوة التي تمنحها الشركة للحكومة وكيف يحق للمجتمعات حينئذٍ المطالبة بالمثل ]...[.

لا يزال  الدمار البيئي يتنامى، والحلول القائمة على الاسواق بدلًا من حقوق الناس تزيد الوضع سوءًا. في هذا السياق، رأى جواو كارلوس (عدالة على القضبان) أن:  "تقدّم مقترحات الاقتصاد الأخضر الذي نعرفه بالرأسمالية الخضراء، يعد شكلًا جديدًا من الهيمنة على الأراضي والدفع مقابل الخدمات البيئية وهلم جرا. هنا في البرازيل،  يجري هذا الأمر بطريقة عنيفة للغاية، وصلت إلى حد العسكرة، فهناك مقاتلون مسلحون يدافعون عن أراضيهم. إذا، ما يباع في شمال العالم على أنه استدامة ومحافظة على البيئة نرى أنه إكراه وعنف وفرض."

إنّ الأرض عنصر أساسي للنظم البيئية الصحية والمحيط الحيوي والأرض الصالحة للسكن. ويعد الاستخدام المستدام للأرض  والإشراف عليها أمرًا حيويًا لحماية النظام البيئي المشترك بما يشتمل عليه من غابات سليمة وأراضٍ رطبة ومراعٍ.  مع ذلك، تُجبر الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، غالبًا باسم العمل المناخي وحماية التنوع البيولوجي، على إخلاء أراضي أجدادها. وقد أوضح غام شيمراي (ميثاق الشعوب الأصلية في آسيا) أن " ]...[  الحقوق في الأرض عنصر محوريّ في نضال الشعوب الأصلية  لسبيين: من أجل استدامتنا ومن أجل حقنا في تقرير المصير، بصفة أساسية. وهذا ما أكسب الحقوق في الأرض مكانة مركزية في مناقشة التنوع البيولوجي ومناقشة تغيّر المناخ. لذا يكمن الخوف والخطر في الأهداف التي توضع، على سبيل المثال تحويل 30 من المئة من الأرض إلى "مناطق محمية" بحلول  2030 يُمكن أن يتحول إلى أداة أو وسيلة تستخدمها الحكومات للإمعان في انتهاك حقوقنا ومواصلة تجريدنا من الملكية واستمرار نضال الشعوب الأصلية." رأت هيلين توغندهارت (برنامج شعوب الغابات) أن " كفالة حقوق الشعوب الأصلية في الأرض حلٌ قوي لأزمة تغيّر المناخ وقابل للتطوير. ]...[ تُطالب الشعوب الأصلية بالحيازة الآمنة لأراضيها ومواردها لتصبح هدفًا محددًا في مفاوضات التنوع البيولوجي الدائرة حاليًا. كذلك تطالب الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية الحكومات بالاستثمار في طبيعتها الإقليمية والحلول القائمة على الثقافة لأزمة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي على حدء سواء."

علاوة على ما تقدّم، ركز النقاش على الأشكال المتداخلة للتمييز التي تؤثر في النساء على نحو خاص، من بين سائر الفئات. للحقوق في الأرض آثار كبيرة في إعمال حقوق المرأة في المياه والسكن والعمل والتعليم والصحة والملكية، إلخ. إن المكافحة من أجل الاعتراف بحق المرأة في الأرض يدل أيضَا على فهم علاقتها العميقة بأنواع مختلفة من التمييز والعنف اللذين تتعرض لهما المرأة. فذكّرتنا إلغا أنغولو غوتيريز بنضالات النساء لتعزيز حقوقهن: . ]...[ نحن النساء، أثبتنا أننا نملك الخبرة لتنظيم أنفسنا والنضال من أجل حقوقنا وكرامتنا والدفاع عنهما. ]...[ لقد نجحنا بإقرار قانون ينص على مشاركة الفلاحات في المجالس المجتمعية بنسبة تمثيل لا تقل عن 30 من المئة. نحن، النساء، نطالب دائمًا بالمناصفة. لكن هذا لم يكن ممكنًا. وهذا الإنجاز بالحصول على نسبة 30 من المئة أصبح واقعًا في سياق الفلاحات من الشعوب الأصلية. كنا، في كثير من الأحيان، غير مرئيات في عالم أبوي لا تتاح فيه للنساء سوى فرص ضئيلة لمشاركة سياسية حقيقة..."

يُهدد التحطيب والتعدين والزراعة الصناعية العديد من المجتمعات حول العالم التي تحاول تنظيم نفسها لمعارضة المصالح القوية. وفي هذا الصدد، علّق جواو  كارلوس من عدالة على القضبان في البرازيل على السبل الكثيرة التي يستخدمها الناس في مقاومة مثل هذه المصالح قائلًا: " على مستوى جزئي في المجتمعات، ينظم الناس أنفسهم بالمقاومة بواسطة بذورهم، ومعارفهم التقليدية ومجموعتهم الوراثية من النباتات. وعلى المستوى المتوسط نحاول أيضًا ممارسة دعوة سياسية للمصادقة على القوانين التي تحظر الرش بالمواد الكيميائية الزرعية مثلًا، وهذا الأمر يعصف بالعديد من المجتمعات إذا ما رُشت مبيدات الأعشاب في مزارع مجتمعات الفلاحين والشعوب الأصلية وسببت لهم انعدام الأمن الغذائي فضلًا عن أزمة مالية كاملة وإفلاس تام لأنهم يخسرون مزارعهم بالكامل. لدينا أيضًا تجارب مثيرة للاهتمام، مثل القوانين عن طريق المبادرة الشعبية التي تحاول إيقاف العمليات التشريعية التي تدعمها القوى الاقتصادية العظمى."

تطرق الجزء الاكبر من المناقشة إلى العمل الشجاع الذي يؤديه دعاة حقوق البيئة والأرض الذين يتعرضون يوميًا لتهديدات متزايدة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. وهذا هو واقع حال منظمة الأخوة السود الهندوراسية، وهي حركة اجتماعية تعرضت للكثير من الأعمال الانتقامية بسبب دفاعها عن الحقوق الاقتصادية والثقافية والإقليمة لشعب غاريفونا في هندوراس. بفضل تنظيم المجتمعات المحلية والحركات الاجتماعية  ونشاطها الدؤوب أصبحت القضية المركزية للحقوق في الأرض أكثر بروزًا. ولعل أحد الأمثلة البارزة تجسدها حركة ساكني الأحياء الفقيرة حيث أشار رئيسها سبو زيكود  قائلًا " لأن أصوات الشعوب الأصلية وسلاح الفقراء تأتي من الوحدة في التنوع، عندما تتحدث الجماهير بصوت واحد، وتعبر عن قضاياها بصوت واحد، حينها يُرجح أن يسمعها أصحاب السلطة والنفوذ. ]...[ من المهم جدًا لنا تنظيم الناس. عن طريق التنظيم أي عندما ننخرط في التثقيف الشعبي بتعليم أنفسنا وفهم النظام، وأيضًا تحليل الأنظمة وجميع القوى التي نواجهها."

في الختام، ذكرنا أدم بارنز (كايروس: مركز الأديان والحقوق والعدالة الاجتماعية) بالحاجة الملحة لتطوير مقاربة شاملة ونظامية للحقوق في الأرض. "إنّ البيئة مرتبطة بالعسكرة، وبالفقر والعنصرية، ومرتبطة فعليًا في نهاية المطاف بالفهم الروحي، والفهم الأخلاقي للطريقة التي يُفترض أن نعيش بها. وعلى هذا النحو بالقتال وحده من أجل تحقيق كل هذه المطالب ورؤيتها يمكن أن نفوز."

-------

ندعو المهتمين بالعمل الحالي للشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجال الحقوق في الأرض إلى الاتصال بـ فالنتين سيبيل، منسقة البرامج للمرأة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (vsebile@escr-net.org)، أو جوي شودري، منسقة البرامج للمشروعات على نطاق الشبكة (jchowdhury@escr-net.org)، أو كولينز ليكو، منسق البرامج للسياسة الاقتصادية وحقوق الإنسان (cliko@escr-net.org).