Nature of the Case
المحكمة الدستورية في الإكوادور تصدر قرارًا تعترف فيه رسميًا بالحق في الرعاية المستحقة للحوامل والمرضعات مع التركيز على حق العاملين في القطاع العام.
المحكمة الدستورية في الإكوادور تصدر قرارًا تعترف فيه رسميًا بالحق في الرعاية المستحقة للحوامل والمرضعات مع التركيز على حق العاملين في القطاع العام.
راكمت المحكمة الدستورية 19 قضية تتعلق بالنساء اللاتي كنّ، عند حصول الأحداث قيد النظر، حوامل أو مرضعات أو في إجازة أمومة، ويشغلن مناصب مختلفة في القطاع العام يحكمها القانون الأساسي للخدمة العامة. عالجت المحكمة مسألة انتهاك حقوق الحوامل والمرضعات ووفرت حمايات إضافية باعترافها رسميًا بالحق في الرعاية. وهي تحقق ذلك عن طريق: 1) الإثبات أن القضايا تعد بمنزلة نماذج يُقتدى بها عن أوضاع العديد من النساء في الإكوادور وتجاربهن؛ 2) الاعتراف بأن دستور الإكوادور يحمي حقوق الحوامل والمرضعات الواردة أيضًا في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان؛ 3) الإعتراف بأن الحق في الرعاية جزء من الحقوق الأخرى ومستمد منها؛ 4) تقديم أمثلة عن كيفية انتهاك هذا الحق وسائر حقوق الحوامل والمرضعات؛ 5) الاعتراف بالحق في الحماية القضائية في ما يتعلق بهذه الحقوق؛ 6)وتحديد تعويضات شاملة عن انتهاك هذه الحقوق.
تقرّ المحكمة أولًا بأن النساء المدّعيات يمثلن بدقة تجارب العديد من النساء في الإكوادور. وتعرض القضية أمثلة عن نساء واجهن عقبات حالت دون حصولهن على إذن لإجراء الفحوصات الطبية؛ وأرباب عمل أجبروا النساء على تغيير مناصبهن (إلى منصب أقل أجرًا في معظم الأحيان) خلال فترة الحمل أو لدى عودتهن من إجازة الأمومة، وأرباب عمل تجاهلوا النساء أو عمدوا إلى تسريحهن عندما طلبن تغيير مناصبهن أو أماكن عملهن بسبب المخاطر الصحية؛ والوصم العام في مكان العمل.
لجأت المحكمة إلى دستور الإكوادور لإثبات أن الحق في الرعاية قائم، وأدرجت الحقوق ذات الصلة على النحو التالي: الحق في الصحة الجنسية والإنجابية (المادتان 332 و363(6))، والحق في الخصوصية الشخصية والأسرية (المادة 66 (20))، والحق في العمل (المادة 33)، وحظر التمييز (المادتان 11 (2) و43 (1))، والحق في الحماية الاجتماعية (المادتان 35 و43)، والحق في الرضاعة الطبيعية (المادتان 43 و332). استشهدت المحكمة أيضًا بالصكوك الدولية ذات الصلة، بما في ذلك المادة 11(2) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في مكان العمل التي تتعلق بالتمييز ضد المرأة في القوى العاملة. وأعلنت أن الحقوق المذكورة تشتمل على الحق في الرعاية.
أوضحت المحكمة الدستورية أن الحق في الصحة الجنسية والإنجابية يستوجب على وجه التحديد من الدول احترام هذا الحق وحمايته وإعماله. وذكرت أنها تعمل على تطوير نطاق هذه الحقوق ومضمونها تبعًا لالتزاماتها لكونها جزءًا من الدولة. علاوة على ذلك، تنص المادة 43 (3) من الدستور على أن الدولة تكفل "الأولوية في الحماية والرعاية لصحتهن وحياتهن أثناء الحمل والولادة والنفاس." وناقشت المحكمة، في معرض دعمها لقراءتها، جميع الاستخدامات الأخرى لكلمة "رعاية" في أجزاء الدستور كافة، بما في ذلك حقوق المسنين (المادة 38) والمراهقين (المادة 46)، والأشخاص المسلوبة حريتهم (المادة 51)، والمسؤوليات الأسرية (المادة 69)، والعمل (المادتان 325 و 332). وأشارت المحكمة أيضًا إلى القانون الدولي المتعلق بالحق في الرعاية، مثل حقوق الإنسان للبالغين الأكبر سنًا، واتفاقية حقوق الطفل، وخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، والمؤتمرات الإقليمية النسائية في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
قارنت المحكمة هذه الحقوق كافة بمبدأ "سوماك كاوساي" الوارد في ديباجة الدستور، والمتعلق بأفكار "العيش الكريم" للإنسان في وئام مع المجتمع وترابط مع جميع الكائنات الحية. وهناك مبدآن آخران يشتملان على العلائقية والمعاملة بالمثل. تتمثل إحدى الواجبات الأساسية للدولة في تحقيق مبدأ سوماك كاوساي، وعليه ترى المحكمة أن هذا المبدأ، إلى جانب المواد الدستورية الآنفة الذكر ، يثبت وجود الحق في الرعاية الذي أضحت المحكمة الدستورية تعترف به رسميًا الآن.
وصفت المحكمة الحق في الرعاية، كما هو الحال مع سائر الحقوق الدستورية، موضحةً أنه يتألف من ثلاثة عناصر: 1) صاحب الحقوق؛ 2) مضمون القانون ونطاقه؛ 3) الموضوع الملزم. فيكون صاحب الحق هو أي شخص، وهو يستطيع ممارسة الرعاية بوصفها حقًا في الرعاية الذاتية أو التزامًا ومسؤولية تجاه أشخاص أو كيانات أخرى أو الدولة كحقه في الحصول على الرعاية. ولما كان الحق في الرعاية يحظى بالاعتراف، فإنه يتيح لفرد أو مجموعة من الناس القيام بعمل ما أو عدم القيام به والمطالبة بأطراف ثالثة للقيام بعمل ما أو عدم القيام به. قد يكون لدى صاحب الحقوق توقعات إيجابية (اجراء) وسلبية (إغفال) عن موضوع يحمل التزامات مرتبطة بهذا الحق. يجيز الاعتراف بالحق لصاحبه، عندما يعتقد أن حقه انتهك، المطالبة به عبر الحمايات القضائية. والشخص الملزَم هو أي شخص يتعين عليه، في ما يتعلق بالمسؤوليات المنصوص عليها في الاتفاقات أو بموجب النظام القانوني، الاعتناء بصاحب الحق. فالالتزام بالرعاية لا يميز بين الرجل والمرأة أو بين المجالين العام والخاص.
إن للحوامل والمرضعات الحق في الرعاية في مكان العمل. ويجمع الحق في الرعاية كل الالتزامات الناشئة عن الحق في العمل. أثناء فترة الحمل، ينبغي مراعاة الأمور التالية في مكان العمل: 1) معاملة المرأة معاملة تصون كرامتها؛ 2) السماح لها بالوصول إلى جميع الخدمات الصحية الضرورية؛ 3) تكييف الحيز المادي بحيث يكون آمنًا وملائمًا ويسهل الوصول إليه؛ 4) واتخاذ الإجراءات الإدارية لمنع الوصم والتحرش والتمييز بسبب الحمل، والتحقيق فيها والمعاقبة عليها؛ 5) تقديم المساعدة عندما تعاني المرأة أي نوع من الألم أو عدم الراحة إذا طلبت ذلك؛ 6) منع التدخل في الحياة الشخصية للمرأة والقرارات المتعلقة بصحتها الإنجابية؛ 7) توفير الرعاية في حالات الطوارئ، والتي يمكن أن تشمل النقل إلى المستشفيات أو المراكز الصحية إذا اقتضى الأمر؛ 8) احترام مواعيد الرضاعة الطبيعية وتعزيز الترطيب الكافي؛ 9) تجنب تعرض المرأة للمواد الكيميائية أو الأبخرة السامة، أو الإشعاع، أو أي حالات أخرى مماثلة تؤثر في صحتها؛ 10) الحث على فترات الاستراحة؛ 11) تجنب المطالب الجسدية غير المناسبة؛ 12) ضمان الوصول إلى المراحيض واستخدامها من غير قيود؛ 13) تجنب ساعات العمل غير المناسبة وتيسير أساليب العمل الأخرى.
يتعين على رب العمل، بعد أن تضع المرأة مولودها، ضمان تقديم إجازة أمومة مدفوعة الأجر مدتها اثني عشر أسبوعًا وإجازة أبوة مدتها عشرة أيام. في حال وضعت المرأة أكثر من مولود، يجب تمديد الإجازة عشرة أيام إضافية للأم وخمسة أيام للأب. أما أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، يتعين على رب العمل 1) منح الإذن لرعاية المولود الحديث لساعتين في اليوم على مدى اثني عشر شهرًا بعد انتهاء إجازة الأمومة؛ 2) توفير الوقت والمكان للرضاعة الطبيعية؛ 3) منح إجازة الأبوة كي يتمكن الرجال من تحمل مسؤوليات الرعاية الإلزامية ؛ 4) توفير خدمات رعاية الأطفال؛ 5) التحقيق مع الأشخاص الذين يعرقلون الرضاعة الطبيعية أو ممارسة الحق في الرضاعة أو يقيدونهما أو يعيقونهما ومعاقبتهم. لا يُشترط على النساء إخطار رب العمل بحملهن، إذ ينبغي أن يكون هذا الإخطار لضمان ممارسة الحق في الرعاية في العمل.
بحثت المحكمة في سبل تفاعل الحق في الرعاية مع أنواع مختلفة من العمالة، بما فيها عقود الخدمة العرضية، والتعيينات المؤقتة، وحرية التعيين في المناصب والعزل منها.
لا يجوز إنهاء أي يعقد بسبب الحمل أو الإرضاع. إذ تتمتع المرأة الحامل، في جميع أنواع العقود، بحماية خاصة حتى نهاية فترة الرضاعة. تشمل الحماية الخاصة منح الأجر عينه الذي كانت تتقاضاه قبل الحمل (أو ربما أجر أفضل)، واحترام إجازة الأمومة، وضمان بيئة عمل لائقة. في حال إنهاء العمل بسبب الحمل أو الرضاعة، لا يُعد التسريح ساري المفعول. تستطيع المرأة العودة إلى وظيفتها فورًا، أما في حال لم ترغب بذلك، يُمكن أن تحصل على تعويضات وتدابير جبر الضرر. أوضحت المحكمة، استنادًا إلى القضايا المتراكمة، أن اتباع إجراءات الحماية يعد الطريقة المناسبة للبت في ادعاءات النساء الحوامل أو المرضعات، على الرغم من أن هذا الأمر لا ينبغي أن يمنع الناس من اللجوء إلى القنوات الإدارية أو القضائية الأخرى التي يرون أنها مناسبة وفعّالة.
تحدد المحكمة مؤشرات متعددة ينبغي استخدامها في وضع سياسات عامة جديدة ولدى تقييم إعمال الحق في الرعاية، نذكر منها المؤشرات الهيكلية ومؤشرات عملية ومؤشرات النتائج. تستوجب المؤشرات الهيكلية الاعتراف بالحق في النظام القانوني الإكوادوري، مع قيام جهاز مؤسسي لإعمال الحقوق المعترف بها وتنفيذ السياسات والخطط والبرامج اللازمة لإعمال هذه الحقوق. ينبغي أن تقيس مؤشرات العملية جودة الجهود التي تبذلها الدولة لإعمال الحقوق وحجمها، وذلك عن طريق قياس نطاق الاستراتيجيات أو الخطط أو البرامج أو السياسات أو غير ذلك من الأنشطة والتدخلات المحددة الهادفة إلى تحقيق الأهداف التي تتوافق مع إعمال حق بعينه، ومداها ومضمونها. وينبغي أن تقيس مؤشرات النتائج الأثر الحقيقي لاستراتيجيات الدولة وبرامجها وتدخلاتها، وأن توفر مقياسًا كميًا يُمكن التحقق منه وقابل للمقارنة للإعمال التدريجي لهذا الحق.
أخيرًا، أمرت المحكمة الهيئات التشريعية المناسبة بإدخال تشريعات تُكيّف النظام القانوني مع ضوابط هذا الحكم والمعايير الدولية الذي تنظم المسألة؛ بحيث تطلب من الهيئات المعنية بالعمل والصحة بإجراء تشخيص للأوضاع وامتلاك جميع المؤشرات لقياس الإعمال التدريجي للحق في الرعاية وتنفيذ سياسة حماية العمالة على الحوامل والمرضعات؛ ومن الهيئات القضائية وضع المؤشرات وإعداد التقارير. يتعين على المؤسسات العامة التي تضم نساء بين موظفيها في سن الإنجاب توفير مساحة للرضاعة الطبيعية، وحيثما يكون هناك ما يزيد على عشرين شخصًا يمارسون الرعاية، رجالًا أو نساءً، إنشاء مراكز لرعاية الأطفال ودور الحضانة وضمان توافر خدمات رعاية الأطفال في مكان العمل أو في مكان مجاور. علاوة على ذلك، يتعين على الهيئات الإدارية المعنية بسياسات العمل والصحة والإدماج والمساواة إنشاء نموذج بيئات الرعاية في العمل. يتعين عليها أيضًا تنفيذ حملة دائمة لرفع مستوى الوعي بشأن الرضاعة الطبيعية في الأماكن العامة وحمايتها وتعزيزها.
بينما تقول المحكمة أن قوانين الإكوادور تتضمن بالفعل حق الحوامل والمرضعات في الرعاية، تُعد هذه القضية اعترافًا رسميًا بهذا الحق، وتوضح من يستحقه، والجهة الملزمة بالتقيد به، وكيفية انتهاكه في مكان العمل. وتُشدد المحكمة، وهو الأمر المهم، على أن تجارب النساء المشاركات في القضايا الموحدة تمثل التجارب الفعلية للعديد من النساء في القوى العاملة، وتستشهد بعدد من الإحصاءات لتبيّن نقص النساء غير المتناسب في القوى العاملة وتحدد المسؤوليات الأسرية باعتبارها عبئًا تلقيه التقاليد على عاتق المرأة بما يتعارض مع قدرتها على العمل. إن إضفاء الطابع الرسمي على الحق في الرعاية هو وسيلة لإزاحة العبء الملقى على النساء حصرًا، والتأكد أن أرباب العمل لا يمارسون التمييز ضد العاملات الأقل عددًا في الوقت الحالي.
تُحدد المحكمة صراحة المسؤوليات العديدة لأرباب العمل وطرق انتهاك الحق في الرعاية بما يتجاوز الفصل التمييزي. علاوة على ذلك، تقدّم المحكمة الشروط المتعلقة بالتعويضات للنساء اللاتي يُسرّحن من عملهن لأسباب تمييزية أو اللاتي تُنتهك حقوقهن بأي طريقة من الطرق الأخرى. وفي خطوة مهمة، كلفت المحكمة هيئات معينة بوضع سياسات وتشريعات إصلاحية جديدة، فضلًا عن وضع مؤشرات لقياس فعالية القانون في حماية الحق في الرعاية، كل ذلك في غضون فترات زمنية محددة. كما طلبت من هذه الهيئات إبقاء المحكمة على اطلاع دائم بالإجراءات التي تتخذها.
الشكر خاص لأعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على مساهماتهم: برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي، جامعة نورث إيسترن