يشارك
الجمعة, مايو 26, 2017
يشارك

أصدرت المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في جلستها الخامسة والأربعين المنعقدة في 26 أيار/مايو 2016 في أورشا، حكمًا لصالح شعوب الأوغيك الأصلية في الدعوى المرفوعة ضد الحكومة الكينية عن الانتهاكات المتواصلة التي ترتكبها وحرمانهم من حقوقهم في الأرض. فقررت المحكمة، عقب اجراءات دامت ثماني سنوات، أن الحكومة الكينية انتهكت 7 مواد من الميثاق الأفريقي.

يُذكر أنها المرة الأولى التي تصدر فيها هذه المحكمة الأفريقية التي بدأت عملها منذ عام 2006، حكمًا في قضية تتعلق بحقوق الشعوب الأصلية، وهي تُعد حتى الآن أكبر قضية من نوعها تًعرض على المحكمة. في الأصل رُفعت هذه الدعوى أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، غير أنها أُحيلت للمرة الأولى في التاريخ إلى المحكمة على أساس أنها تدل على ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وكان أعضاء الشبكة الثلاثة وهم المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، وبرنامج تنمية شعوب الأوغيك، ومركز تنمية حقوق الأقليات  أصحاب الشكوى الأصليين المرفوعة أمام اللجنة الأفريقية.

يعيش أفراد مجتمع الأوغيك في غابات ماو فورست الواقعة في الوادي المتصدع (ريفت فالي) في كينيا، ويمثل 35 ألف فرد منهم الضحايا في هذه القضية التاريخية. يُعد مجتمع الأوغيك آخر المجتمعات الأصلية التي لا تزال تعيش في الغابات وهو من بين السكان الأصليين الأكثر عرضة للتهميش في كينيا. ادعى أفراد مجتمع الأوغيك أن الحكومة الكينية ارتكبت ثمانية انتهاكات لحقوقهم في الحياة والممتلكات والموارد الطبيعية والتنمية والدين والثقافة، وذلك بموجب الميثاق الأفريقي  لحقوق الإنسان والشعوب، الذي وقعت كينيا عليه.

يرى مجتمع الأوغيك أن التاريخ سيذكر هذا القرار. إذ أخيرًا، جرى النظر في قضية حقوق الأوغيك في الأرض، وهذه القضية عززت لديهم الشعور بأهميتهم. في هذا السياق، قال دانيال كوبيه، المدير التنفيذي لبرنامج تنمية شعوب الأوغيك، تعقيبًا على قرار المحكمة: “أعلم أن هذه القضية أيضًا تعطي الأمل للشعوب الأصلية الأخرى، لقد جعلت القضايا تبدو حقيقية “.

استمعت المحكمة الأفريقية إلى القضية في تشرين الثاني/نوفمبر 2014. وألقت المجموعة الدولية لحقوق الأقليات مداخلة شفوية بالنيابة عن أصحاب الشكوى الأصليين، في حين أدلى فردان من مجتمع الأوغيك وخبير آخر بشهاداتهم أمام المحكمة. وقد ساعدت المجموعة الدولية لحقوق الأقليات 25 فردًا من مجتمع الأوغيك على حضور الجلسة، ومكّنت 40 آخرون من مشاهدتها في كينيا عبر البث الشبكي الحي من المحكمة.

بدروها رأت لوسي كلاريدج، مديرة الشؤون القانونية في المجموعة الدولية لحقوق الأقليات أن “هذه القضية تتسم بأهمية كبرى لدى الشعوب الأصلية في أفريقيا، لا سيما في سياق الصراعات التي نشهدها بين المجتمعات على نطاق القارة، والناجمة عن الضغوط المتعلقة بالأرض والموارد الطبيعية”. وأضافت أن “المحكمة كانت حاسمة باعترافها أن مجتمع الأوغيك، ومن ثمّ العديد من الشعوب الأصلية الأخرى في أفريقيا، يملك دورًا رياديًا بصفته حارس النظم الايكولوجية المحلية، وفي حماية الأراضي والموارد الطبيعية والمحافظة عليها لا سيما في منطقة غابات ماو فورست. 

في آذار/مارس 2013، أصدرت المحكمة الأفريقية أمرًا باتخاذ تدابير مؤقتة، تطالب فيه الحكومة بوقف المعاملات المتصلة بالأراضي في غابات ماو فورست، والامتناع عن اتخاذ أي قرار من شأنه إلإضرار بالقضية، إلى حين التوصل إلى قرار. لكن الحكومة لم تحترم هذا الأمر، مع الأسف.

لعقود من الزمن ومجتمع الأوغيك يتعرض لعمليات الإخلاء القسري التعسفي من أراض أجداده في غابات ماو فورست على أيدي الحكومة، من غير التشاور معه أو التعويض عليه. وقد ترك ذلك أثرًا بالغ الضرر على قدرة أفراده في مواصلة أسلوب حياتهم التقليدي وحياتهم الدينية والثقافية، وفرص وصولهم إلى الموارد الطبيعية ووجودهم كشعوب أصلية. إن مجتمع الأوغيك مرتبط روحيا وعاطفيا واقتصاديا بهذه الغابة. وهو يعوّل عليها لتأمين الغذاء والمأوى والهوية.