على إسرائيل والدول الأعضاء في الأمم المتحدة احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني وحمايتهم

تاريخ النشر: 
الثلاثاء, 17 أكتوبر, 2023
تضامنًا مع الأعضاء والمجتمعات في فلسطين

نؤكد تضامننا مع أعضاء الشبكة في فلسطين والسكان المدنيين عمومًا في قطاع غزة المُحاصرة الذين يتعرضون للقصف المكثّف، والتدمير العشوائي للمنازل والخدمات الأساسية العامة بما فيها المدارس والمستشفيات، والتهجير القسري، والحرمان من الغذاء والماء والمرافق الصحية والأدوية والكهرباء. ولمّا كانت الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُعنى معنية  بتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما فيها الحق في الحياة، فإنها تدين جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين. ونحن إذ نستنكر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، نُردد مخاوف الأمم المتحدة من أن الإجراءات الإسرائيلية المتصاعدة قد ترقى إلى مستوى التطهير العرقي للشعب الفلسطيني. لقد قُتل حتى 16 تشرين الأول/أكتوبر، ما لا يقل عن 2750 فلسطينيًّا وجُرح 9700 شخص في غزة و51 آخرين في أنحاء أخرى من فلسطين منذ اندلاع الصراع الحالي.

إن الوضع الكارثي الذي تشهده غزة حاليًّا ما هو إلا نتاج 56 عامًا من الاحتلال والفصل العنصري اللذين فرضتهما إسرائيل على الفلسطينيين. شُنت الحرب على غزة في رد فوري على الهجمات التي نُفذت ضد الإسرائيليين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قائلًا: "أمرت بفرض حصار كامل على قطاع غزة. سنقطع الكهرباء ونمنع عنهم والغذاء والوقود، سنغلق كل شيء. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك". ووجه منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، اللواء غسان عليان، رسالة مماثلة قائلًا: "إسرائيل فرضت حصارًا شاملًا على غزة، لا كهرباء ولا ماء، لن يكون هناك سوى الدمار. لقد فتحتم أبواب الجحيم". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قد تعهد، قبل ذلك بيومين، بتحويل غزة إلى جزيرة مهجورة مهددًا باستهداف كل ركن من أركان القطاع. في يوم الجمعة الموافق 13 تشرين الأول/أكتوبر، أمرت الحكومة الإسرائيلية ما يزيد على مليون ومئة ألف فلسطيني إخلاء منازلهم وأراضيهم في شمال غزة خلال 24 ساعة، الأمر الذي بدا إشارات على اجتياح بري وشيك. وبالتزامن مع صدور هذا الأمر، حمّل الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هيرتسوغ، غزة المسؤولية قائلًا: "ثمة أمة بأسرها هناك تتحمل المسؤولية... إن الخطاب عن عدم معرفة المدنيين أو تورطهم غير صحيح".

أدت الاستراتيجية السياسية والعسكرية التي تنتهجها إسرائيل في غزة، ولا سيما الحصار غير القانوني المستمر منذ 16 عامًا (الذي يمثل شكلًا من أشكال العقاب الجماعي الذي يرقى إلى مستوى جريمة حرب) والهجمات العسكرية المتكررة، إلى نشوء واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ما دفع بالأمم المتحدة إلى اعتبار غزة منطقة غير صالحة للعيش، ووصفتها "بسجن في الهواء الطلق". لم تنفك الأمم المتحدة تكرر إدانتها العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل (بما في ذلك على سبيل المثال، لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الديباجة والفقرتين 12 و15 من القرار رقم 2004/10). يعيش نحو مليونين و300 ألف فلسطيني في غزة، نصفهم من الأطفال، ويعتمدون بدرجة كبيرة على المساعدات الاجتماعية. ويكاد خروج الفلسطينيين من غزة أن يكون مستحيلًا، في واحدة من السمات العادية للحصار الإسرائيلي (المصري) على غزة. في المقابل الآخر، تنتظر المساعدات الحيوية في شبه جزيرة سيناء بسبب إغلاق معبر رفح (بين غزة ومصر) وتعرضه للغارات الجوية الإسرائيلية. بالإضافة إلى قطع إمدادات الغذاء والمياه،  نفد الوقود من محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في 11 تشرين الأول/أكتوبر. علمًا أن هذه الطاقة ضرورية لتوفير المياه الصالحة للشرب، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وصيانة المعدات المنقذة للحياة في المستشفيات التي توشك على الانهيار بسبب تدفق آلاف الجرحى الفلسطينيين للعلاج. إن القانون الإنساني الدولي واضح لا جدال لبس فيه، إذ تنص المادة 54 من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949 على ما يلي "يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وتُحظر مهاجمة الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين أو تدميرها أو نقلها أو تعطيلها." وشدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، على أن "فرض حصار بطريقة تعرّض حياة المدنيين للخطر بحرمانهم من السلع الأساسية التي تمكّنهم من البقاء على قيد الحياة، محظور بموجب القانون الدولي الإنساني". وهذا الأمر يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي، وفق ما أشار العديد من إجراءات الأمم المتحدة الخاصة.

علاوة على ما تقدّم، إنّ أمر الإخلاء الذي وجهه الجيش الإسرائيلي إلى مليون ومئة ألف فلسطيني في شمال غزة أمر مستهجن أخلاقيًّا وقانونيًّا، فضلا عن استحالة تنفيذه. لقد أرغمت بالفعل معظم العائلات الفلسطينية على التهجير القسري باستخدام العنف أثناء تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، لتصبح لاجئة مع نحو 750 ألف فلسطيني. يخشى كثيرون، ومنهم المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، أن يتحول هذا الوضع إلى "نكبة" ثانية". ذلك أن أمر الإخلاء المذكور لا يضمن حق المدنيين الذين يحاولون الامتثال له في العودة ولا يضمن سلامتهم. في حين تعذّر على بعض المدنيين الامتثال لأمر الإخلاء، قُتل آخرون أثناء محاولة القيام بذلك عبر طرق آمنة مزعومة. فسارعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليًّا، باولا غافيريا بيتانكور، إلى إدانة هذا الفعل، وذكّرت أن "التهجير القسري للسكان يشكل جريمة ضد الإنسانية، والعقاب الجماعي محظور بموجب التشريعات الإنسانية الدولية." ردًّا على تصريحات المسؤولين الحكوميين والعسكريين رفيعي المستوى والنطاق الواسع للانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، عمد مؤخرًا أعضاء في فلسطين، وأكاديميون ومنظمات مرموقة على مستوى العالم إلى مطالبة الدول بالتدخل لمنع حدوث إبادة جماعية محتملة أو وشيكة، واتهموا اسرائيل أنها تتعمد "فرض أوضاع معيشية مستحيلة على الشعب الفلسطيني تهدف إلى تدميره  المادي كليًّا أو جزئيًّا" (على النحو المبيّتن في المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها).

يؤكد أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في فلسطين إلى أن "منظماتنا ظلت لعقود تحذّر من الوضع الراهن وإخفاق المجتمع الدولي المتعمد في معالجة الأسباب الجذرية للوضع الحالي في فلسطين، أي الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري والاحتلال غير المشروع، فضلًا عن الحرمان المستمر للشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف بما فيها الحق في تقرير المصير، وإحجامه عن اتخاذ تدابير هادفة وفعّالة لمعالجتها." منذ بداية العام الحالي وحتى الرابع من تشرين الأول/أكتوبر، قُتل 248 فلسطينيًّا على أيدي القوات الإسرائيلية أو المستوطنين، ناهيك عن الآلاف الذين قُتلوا في السنوات السابقة، كل ذلك وما زالت الولايات المتحدة الأميركية تقدّم تمويلا عسكريًّا لإسرائيل يتجاوز 3 مليارات دولار سنويًّا. وقد أسهمت هذه الأموال في تسهيل  الاحتلال المستمر وانتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين وخارجها وإثراء المجمع الصناعي العسكري الأميركي صاحب النفوذ القوي على عملية صناعة القرارات الحكومية في الولايات المتحدة.

نضم أصواتنا إلى الدعوات التي تطالب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسائر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فضلا عن مجلس الأمن الدولي، باتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لوقف العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على السكان المدنيين في غزة. إنّ المجتمع الدولي ملزم بتكثيف الضغوط على إسرائيل لحثها على الوقف الفوري لإطلاق النار وإلغاء أوامر الإخلاء التي ترقى إلى مستوى الترحيل القسري للسكان، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة تلبيةً لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة. علاوة على ذلك، إن المجتمع الدولي ملزم أيضًا بضمان احترام القانون الإنساني، بما في ذلك  منع التطهير العرقي والإبادة الجماعية. كما يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات رفض إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل أو تمويل الجيش الإسرائيلي. ويتعين على هذه الجهات الفاعلة عينها العمل على إنهاء الأسباب الجذرية للوضع الراهن في فلسطين وكفالة حقوق الإنسان بما فيها حق جميع الفلسطينيين في تقرير المصير.

بيانات الأعضاء:

بيان مشترك صادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:

مركز الميزان

مؤسسة الحق

عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل

مركز الديمقراطية وحقوق العاملين

شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية

المبادرة  المصرية للحقوق الشخصية مع منظمات حقوقية مصرية

حركة ساكني الأحياء الفقيرة

مركز  الحقوق الدستورية

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية