البلدان الفقيرة والنامية في الجنوب العالمي. وقالت ماي بونافنتور من حركة الشعوب الآسيوية في شأن الديون والتنمية: “إن العديد من البلدان في الجنوب العالمي إما تواجه ضائقة بسبب الديون أو أزمة أو على أصبحت الأقل على وشك التخلف عن تسديد ديونها. والواقع أن معدلات الفائدة المرتفعة على القروض التجارية التي توفرها الجهات المقرضة ترغم البلدان على خفض الإنفاق العام في شكل كبير في حين تركز على تأمين مدفوعات خدمة الديون وتوليها الأولوية”.
وحذر الأعضاء مما يرون أنه استمرار للاستعمار الاقتصادي، والإمبريالية، والهيمنة من خلال السيطرة الممأسسة على المال ورأس المال. لن يلبي النظام المالي العالمي، كما هو مصمم حالياً، الاحتياجات الملحة للبلدان المحرومة تاريخياً، ولن يمكّن من تحقيق العدالة الاقتصادية والبيئية. ويؤكد الأعضاء منذ فترة طويلة أن النظام الاقتصادي المهيمن، الراسخ في الرأسمالية النيوليبرالية، يولي الأولوية للأرباح، ويفيد الأفراد الأثرياء والأمم والشركات على حساب حقوق الإنسان ورفاه الناس.
مصارف التنمية ومصيدة الديون
تعمل مصارف التنمية المتعددة الأطراف، ومصارف التنمية الإقليمية، ومصارف التنمية العامة، وغير ذلك من المؤسسات المالية العالمية لتغذية نظام مالي استخراجي، وغير متكافئ، وغير متوافق مع الاحتياجات الحالية لبلدان جنوب الكرة الأرضية. لقد تأسست هذه المؤسسات وسياساتها المالية استراتيجياً للحفاظ على الموروثات الاستعمارية من خلال الممارسات والظروف المالية غير العادلة. ويتراوح ذلك بين الترويج لديون غير مستدامة من خلال التمويل المفرط المستند إلى القروض، وفرض شروط غير عادلة، وإيلاء الأولوية للتسديد، إلى تمويل حلول زائفة لتغير المناخ تدفع بها شركات من خلال القروض. مثلاً، في آسيا، يمول بنك التنمية الآسيوي مشاريع في مجال الطاقة الحرارية الأرضية تحت ستار التحول الطاقوي العادل بما يؤدي، كما أكدت تيتي سونتورو، إلى “تشريد مجتمعات محلية، وإلحاق ضرر بالبيئة، وزيادة أعباء الديون”.
لكن آسيا ليست المنطقة الوحيدة حيث نستطيع أن نرى كيف تؤدي مصارف التنمية دوراً رئيسياً في إغراق البلدان في فخ الديون. في مختلف المناطق، تقدم مصارف التنمية المتعددة الأطراف القروض لتمويل حلول زائفة لأزمة المناخ، باسم التنمية المستدامة. وكثيراً ما تتجاهل هذه الاستثمارات الضمانات الخاصة بحقوق الإنسان، وتفتقر إلى الشفافية، ولا يعرف بها عامة الناس. لكن كما قالت روزاريو فاسينا من مشروع المساءلة الدولية، تؤدي أدوات مثل متعقب تمويل الطاقة دوراً بالغ الأهمية في فضح التناقضات الكامنة في ما يُسمَّى بمشاريع الطاقة الخضراء ويؤدي إلى حد كبير إلى الاستدانة، “يتعين علينا أن نستخدم الأدوات المتاحة، مثل آليات التظلم، للبدء في مطالبة هذه المصارف بالانتظام”.
ومن أجل تحويل البنية المالية حقاً، يطالب الأعضاء بالإلغاء غير المشروط للديون غير الشرعية والاستعمارية. أكدت شيرين طلعت من الحركة النسوية للعدالة الاقتصادية، والإيكولوجية، والتنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على ما يلي: “نحن في حاجة إلى نظام اقتصادي ومالي جديد قادر على تقديم الحلول في مجالي التمويل والمناخ في شكل عاجل ومستدام”. ينبغي لاقتصاداتنا أن ترتكز على الرعاية والتضامن، وفق تأكيد إعلان الرباط الذي نُشِر أخيراً ويحدد بدائل للاقتصاد الاستخراجي.
ولا بد من أن يصاحب إلغاء الديون إطار للعدالة التعويضية يعترف بالمسؤوليات التاريخية للقوى الاستعمارية والاستعمارية الجديدة، فضلاً عن المؤسسات الخاصة، التي لا مناص من تقديمها إلى العدالة بسبب مساهماتها في الأزمة المتشابكة في مجالات الديون والرعاية وتغير المناخ. ووفق تأكيد كاثرين من المنتدى والشبكة الأفريقيين المعنيين بالديون والتنمية، ورثت العديد من البلدان المثقلة بالديون التزامات مالية من الأنظمة الاستعمارية، وباتت التعويضات مستحقة.
بناء جبهة موحدة من أجل حقنا في المستقبل
لضمان حقنا في المستقبل، يجب علينا أن نستمر في تنظيم أنفسنا وتنظيم حملات والربط بين نضالات مختلف الشعوب المضطهدة. واستلهاماً لروح سانكارا، يتعين علينا أن نعيد بناء جبهة موحدة في مواجهة الديون، بقيادة مجتمعات محلية تناضل ولديها الحلول اللازمة لإحياء التحول العميق.
من جنيف إلى بيليم، تعمل هذه النضالات لتشكيل العمليات العالمية – من المفاوضات حول المعاهدة الملزمة في شأن حقوق الإنسان والأعمال التجارية إلى الدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف، والحظر العام المفروض على فلسطين في مجال الطاقة – فتوحّد المطالبات بالمساءلة في مجالي الديون والعدالة المناخية، ومساءلة الشركات.
وبصفتنا الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سنستمر في إطلاق الحملات من أجل حقنا في المستقبل، وندعو الأعضاء والحلفاء إلى الانضمام إلينا ونحن نبرز هذه المطالب لتحقيق العدالة للناس ولكوكب الأرض.


