يشارك
الثلاثاء, فبراير 6, 2024

أدى إخفاق الحكومة الكينية المتكرر في تنفيذ القرار الصادر عن اللجنة الأفريقية والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في قضيتي الإندورويس والأوجيك إلى استفحال أوضاع عدم المساواة والانتهاكات والإهمال المستمرة منذ عقود. في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء الواقع فيه 6 شباط/فبراير(نيروبي)، يُسلّم ما يزيد على 30 ممثلًا عن المجتمعات ونشطاء المدعي العام رسالتين يحثونه فيهما على الامتثال لالتزامات كينيا في مجال حقوق الإنسان.

يشارك
Endorois & Ogiek Peoples’ Procession In Nairobi 5. 6th Feb 2024

في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء الواقع فيه 6 شباط/فبراير(نيروبي)، يُودع أعضاء من الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مكتب مدعي عام كينيا في نيروبي رسالتين يحثونه فيها على اتخاذ إجراء. تطالب الرسالتان الحكومة بالشروع الفوري في تنفيذ الأحكام الصادرة عن اللجنة والمحكمة بما يضمن تحقيق العدالة لشعبي الإندورويس والأوجيك والتعويض عليهما، ويشمل ذلك عودتهما إلى أراضي أسلافهما واحترام حقوقهما في الموافقة المسبقة والحرة والمستنيرة على أي إجراءات تُنفذ هناك.

ما التداعيات المحتملة؟

أربع عشرة سنة مرت، وما زالت الحكومة الكينية على موقفها الرافض لقرار اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الذي يقضي بعودة شعب الإندورويس إلى موطن أسلافه والتعويض عليه عن الإجلاء القسري.

علاوة على ذلك، تُمعن الحكومة في تهجير شعب الأوجيك في غابة ماو، وتحرمه من التعويضات بخلاف ما تقتضيه الأحكام الصادرة عن المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التي يعود تاريخها إلى عام 2017. ما انفكت الحكومة الكينية تنفذ عمليات الإخلاء القسرية في مجمّع غابة ماو، منذ الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقد طالت عمليات الإخلاء القسري ما يزيد على 700 فرد من مجتمع الأوجيك، نصفهم من النساء والأطفال. وأُحرقت منازلهم ومدارسهم وممتلكاتهم وهُدمت، وزاد موسم الشتاء الطين بِلة.

يتحتم على الحكومة الكينية الشروع فورًا في تنفيذ القرارات برمتها، ومن ثمّ الوفاء بالتزاماتها باحترام الحقوق الإنسانية والبيئية لشعبيّ الإندورويس والأوجيك وحمايتها وإعمالها.

ماذا جاء في رسالتي الحث على التحرك؟

تُؤكد الرسالتان اللتان يعتزم الأعضاء تسليمهما إلى المدعي العام  الحاجة الملحة إلى تنفيذ القرار الصادر عن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لصالح مجتمعي الإندورويس والأوجيك، بما في ذلك:

  • الدعوة إلى التنفيذ: يتعين على الحكومة الكينية أن تفي على الفور بالتزامها القانوني بتنفيذ قرارات اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

  • عدم إحراز أي تقدّم وعدم كفاية الاستجابات الحكومية: ثمة حاجة إلى إحراز مزيد من التقدم في تنفيذ التوصيات، مع التركيز على الاستجابات والإجراءات الحكومية غير الكافية.

  • الآثار المترتبة على عدم التنفيذ: يُخلف التقاعس عن التنفيذ آثارًا ضارة تمس مجتمعي الإندورويس والأوجيك؛ تبدأ هذه الآثار من الفقر والتدهور البيئي ولا تنتهي عند فقدان الممارسات الثقافية.

  • التزامات كينيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان: نُذكر بالتزامات كينيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان المدرجة في الدستور.

  • دعوة محددة إلى التحرك: ندعو الحكومة الكينية إلى الإسراع في تنفيذ القرار، ونشر تقارير الامتثال، والتشاور مع المجتمعات المحلية، ورفع تقارير دورية إلى اللجنة الأفريقية.

14 عامًا من عدم الامتثال في قضية الإندورويس ؛ وست سنوات من الانتظار في قضية الأوجيك.

الصورة: المجموعة الدولية لحقوق الأقليات

سياق قضية الإندورويس

ينتمي مجتمع الإندورويس إلى الشعوب الأصلية في كينيا، ويشتغل أفراده في الزراعة والرعي ويعتاشون منهما. يضم المجتمع نحو 60 ألف فرد يعيشون معًا حول بحيرة بوغوريا الكبيرة في منطقة ريفت فالي. ليس ثمة ما يضاهي القيمة الاجتماعية والثقافية للأرض أهميةً بالنسبة للإنسانية، حيث تؤدي الحقوق المرتبطة بالأرض دورًا محوريًّا في إعمال مجموعة واسعة من حقوق الإنسان. في هذا الإطار، يؤكد الإندورويس أن الأرض المحيطة ببحيرة بوغوريا هي موطن أجدادهم، الذي وفّر لهم المراعي الخضراء الخصبة، ومياه الشرب النظيفة، ومناطق لعق الملح الطبي لماشيتهم، والعلاجات العشبية التقليدية، وأنشطة تربية النحل، ومكانًا لممارسة الطقوس والاحتفالات مثل الختان، ومراسم الدفن، ومراسم تسمية الأطفال وسائر الطقوس المرتبطة بأسلافهم.

في عام 1973، أجلت الحكومة الكينية مجتمع الإندورويس قسرًا عن أراضي أجداده تمهيدًا لإنشاء محمية صيد سياحية، وأقدمت على ذلك من غير إجراء المشاورات أو دفع تعويضات مناسبة. أُجبر الإندورويس، نتيجة لذلك، على الانتقال إلى أرض قاحلة، ما أدى إلى نفوق عدد كبير من رؤوس الماشية واستحالة توفير قوتهم.

السعي إلى تحقيق العدالة

في عام 2003، رفع الإندورويس بالشراكة مع المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومركز تنمية حقوق الأقليات قضية أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، أصدرت اللجنة حكمًا تاريخيًّا يثّبت حقوق شعب الإندورويس؛ واعتمدته قمة رؤساء دول الاتحاد الأفريقي التي عقدت بتاريخ 2 شباط/فبراير 2010 في أديس أبابا في إثيوبيا. قررت اللجنة أن الحكومة الكينية انتهكت حقوق شعب الإندورويس، وأصدرت تعليماتها للحكومة لتنفيذ ما يلي:

  1. الاعتراف بحقوق الإندورويس في الملكية واستعادة أرض أجدادهم؛

  2. كفالة الوصول غير المقيّد للإندورويس إلى محمية الصيد في بحيرة بوغوريا والمواقع المحيطة بها لممارسة طقوسهم الدينية والثقافية ولرعي ماشيتهم؛

  3. دفع التعويضات الكافية مقابل الخسائر التي تكبدها المجتمع؛

  4. تسديد عائدات إلى الإندورويس عن الأنشطة الاقتصادية الحالية، والحرص على استفادتهم من إمكانات التوظيف داخل المحمية؛

  5. تسجيل لجنة رعاية الإندورويس؛

  6. التحاور مع أصحاب الشكوى من أجل التنفيذ الفعّال لهذه التوصيات؛

  7. الإبلاغ عن تنفيذ هذه التوصيات في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ الإشعار.

14 عامًا بانتظار التنفيذ

فشلت الحكومة الكينية في تنفيذ معظم التوصيات الواردة في القضية؛ ولم يطرأ حتى تاريخه أي تغيير يُذكر لمجتمع الإندورويس، باستثناء تنفيذ التوصية الوحيدة المتعلقة بتسجيل مجلس رعاية الإندورويس، في حين لم يُحرز تنفيذ سائر التوصيات أي تقدّم ملموس. في عام 2014، ألفت الحكومة الكينية فريق عمل تمتد ولايته عامًا واحدًا، مهمته الانخراط في حوار يتناول سبل تنفيذ القرار. لم يقصد فريق العمل المجتمع سوى مرة واحدة من غير إخطار سابق حسب الأصول؛ ولم يُعد أي تقرير عما حققه من إنجازات، ولم تُجدد ولايته. علاوة على ذلك، كان تنفيذ التوصيات بدفع العائدات والوصول غير المقيّد إلى محمية الصيد في بحيرة بوغوريا والمواقع المحيطة بها رمزيًّا، ولم تُنفذ أيّ من التوصيات الأخرى على الإطلاق.

الصورة: المجموعة الدولية لحقوق الأقليات

سياق قضية الأوجيك

تمثل قضية الأوجيك التي رفعها كلّ من برنامج تنمية شعوب الأوجيك والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات أمام المحكمة تتويجًا لنضالاتهم في وجه تاريخ من الظلم يعود إلى حقبة الاستعمار، تعرّض في خلالها شعب الأوجيك إلى عمليات الإخلاء القسري ومصادرة ممتلكاته. في التفاصيل، تلقى مجتمع الأوجيك في عام 2009 من دائرة الغابات الكينية إشعارًا بالإخلاء لمغادرة غابة ماو في غضون ثلاثين يومًا. ردًا على ذلك، رفع الأوجيك دعوى أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة)، للطعن في عمليات الإخلاء المقترحة، مطالبين باتخاذ تدابير مؤقتة لوقف الضرر المحتمل الذي يتعذّر إصلاحه، وذلك إلى حين صدور القرار النهائي بشأن المراسلة. فأمرت اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة، غير أن الحكومة الكينية خالفت القانون ورفضت الامتثال له.

بعد ذلك، أحالت اللجنة القضية إلى المحكمة لتصبح بذلك جهة الإدعاء أمامها. لكن إثر فشل مبادرات التسوية الودية، قررت المحكمة النظر في الأسس الموضوعية للشكوى. وفي 26 أيار/مايو 2017، أصدرت المحكمة  حكمها بهذا الشأن، مؤكدة أن انتماء الأوجيك إلى الشعوب الأصلية في كينيا، وأن عمليات إخلائهم من غابة ماو تنتهك حقوقهم بموجب المادة 2 (الحرية من التمييز)، والمادة 8 (حرية الدين)، والمادة 14 (الحق في الملكية)، والمادة  17 (2)و(3) (الحق في الثقافة)، والمادة 21 (الحق في التصرف بحرية في الثروة والموارد الطبيعية)، والمادة 22 (الحق في التنمية)، والمادة 1 (التي تلزم كل الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية بدعم الحقوق التي يكفلها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب). في 23 حزيران/يونيو  2022، أصدرت المحكمة قرارا نهائيًّا بشأن التعويضات لتنهي بذلك 13 عامًا من التقاضي على المستوى فوق الوطني، وأمرت الحكومة الكينية بما يلي:

  1. تسديد مبلغ 157 مليون و850 ألف شلن كيني تعويضًا جماعيًّا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم؛

  2. في غضون عامين، إجراء عملية تعيين الحدود وترسيمها وإحالة سندات الملكية بالتشاور مع الأوجيك لاستعادة حق الملكية الجماعي في أراضي أجدادهم في غابة ماو؛

  3. بدء عملية حوار وتشاور مع الأوجيك وأصحاب المصلحة المعنيين في ما يتعلق بأي امتيازات أو عقود إيجار صادرة لأراضي الأوجيك أو كليهما، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن ما إذا كانت هذه العمليات ستستمر بإبرام عقود الإيجار أو تقاسم المنافع. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق، ينبغي إعادة الأراضي إلى الأوجيك، وتقديم التعويض المناسب للأطراف الثالثة المعنية؛

  4. اعتماد كل ما يلزم من تدابير تضمن الاعتراف الكامل بانتماء الأوجيك إلى الشعوب الأصلية في كينيا، ويشمل ذلك الاعتراف الكامل بلغتهم وممارساتهم الثقافية والدينية؛

  5. اعتماد جميع ما يلزم من تدابير لضمان استشارة الأوجيك على النحو الواجب، واحترام تقاليدهم أو حقهم في منح الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة أو حجبها، أو كلا الأمرين، وذلك في مشروعات التطوير أو الحماية أو الاستثمار على أراضي الأوجيك؛

  6. ضمان التشاور الشامل مع الأوجيك، واحترام تقاليدهم وعاداتهم طوال عملية التعويضات برمتها؛

  7. تنفيذ جميع ما يلزم من تدابير لتفعيل الحكم بما يضمن عدم تكرار الانتهاكات؛

  8. إنشاء صندوق تنمية مجتمعي في غضون عام واحد من تاريخ صدور الحكم يُخصص لشعب الأوجيك، وتودع فيه التعويضات الممنوحة؛

  9. تيسير إنشاء لجنة تُشرف على إدارة صندوق التنمية المجتمعي، تضم ممثلين يختارهم مجتمع الأوجيك، والحرص على تفعيلها في غضون عام واحد من تاريخ صدور الحكم؛

  10. نشر الملخصات الرسمية عن الأحكام المتعلقة بالأسس الموضوعية والتعويضات في الجريدة الرسمية وفي إحدى الصحف واسعة الانتشار، فضلا عن نشر الأحكام المتعلقة بالأسس الموضوعية والتعويضات كاملة مقرونة بملخصاتها على الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة لمدة لا تقل عن سنة واحدة؛

  11. رفع تقرير عن حالة تنفيذ الحكم المتعلق بالتعويضات في غضون سنة واحدة من تاريخ صدور الحكم.

 

علاوة على ما تقدّم، أمرت المحكمة بعقد جلسة استماع بشأن حالة تنفيذ أوامر الحكم في موعد تحدده المحكمة، في غضون اثنيّ عشر شهرًا (12) من تاريخ صدور الحكم.

عمليات الإخلاء القسري الحديثة

لم توقف الحكومة الكينية منذ الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، عمليات الإخلاء القسري (رابط خارجي) في غابة ماو. وقد مسّت عمليات الإخلاء القسري المستمرة حتى الساعة ما يزيد على 700 فرد من مجتمع الأوجيك، نصفهم من النساء والأطفال. تُبرر الحكومة قرارها بحجة “الحفاظ” على المنطقة. مع ذلك، يفشل هذا التبرير في الاعتراف بأن عمليات الإخلاء، ومن ثمّ تقويض الدور التقليدي لمجتمع الأوجيك بصفته القائم على رعاية الطبيعة، إنما تهدد الغابة تهديدًا مباشرًا، وتفضح التجاهل الصارخ لأوامر المحكمة والتزامات كينيا بموجب القانون الدولي. لم يحظ المجتمع بأي بديل، وقد يؤدي الفشل في وقف عمليات الإخلاء إلى ضرر يتعذّر إصلاحه يلحق بحيوات أفراده وسبل عيشهم وحياتهم الأسرية وسلامتهم وأمنهم، ما يُعد انتهاكًا لالتزامات كينيا بموجب القانون الدولي.Banner action Endorois and Ogiek

لمعلومات إضافية أو ترتيب مقابلات، يرجى التواصل معنا على: communications@escr-net.org