تندرج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن حقوق الإنسان التي تعالج الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الأساسية الضرورية للعيش بكرامة وحرية ، والمتعلقة بالعمل ، والضمان الاجتماعي ، والصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه ، والسكن ، والبيئة الصحية ، .والثقافة
ما هي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟
في عام 1948، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مُحددةً الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها جميع البشر . وفي عام 1966، ورد ذكر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت مسمى الحقوق القانونية في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي يكوّن مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ما يُسمى بالشرعة الدولية للحقوق) ، وغير ذلك من معاهدات حقوق الإنسان الأساسية والآليات الإقليمية . وحتى تاريخه، صدقت أكثر من 160 دولة على العهد الدولي الخاص الملحق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . بالإضافة إلى ذلك، أبدت دولًا عديدة إلتزامها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدساتير الوطنية والقوانين الداخلية .
يُحدد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عددًا من المبادئ المهمة لوضع هذه الحقوق موضع التنفيذ ، والتي غالبا ما تكون مُضمنة في مصادر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى. يتعين على الدولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اتخاذ الخطوات ” بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة ” لإعمال هذه الحقوق تدريجيًا . لذلك ، إن الدولة (بما في ذلك على أصعدتها دون الوطنية) ملتزمة على وجه الخصوص بما يلي :
- احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الامتناع الذاتي عن ارتكاب أي انتهاك لهذه الحقوق).
- حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (منع أطراف ثالثة من انتهاك هذه الحقوق).
- الوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (اتخاذ التدابير اللازمة لإعمال هذه الحقوق عن طريق الاجراءات التشريعية والإدارية واعتماد الميزانية وغيرها )
- طلب المساعدة والتعاون الدوليين وتوفيرهما في مجال إعمال هذه الحقوق .
يتعين على الدول أن تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من غير تمييز على أساس الأسباب المُحددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تشمل العرق واللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو غير ذلك من الآراء والأصل القومي أو الاجتماعي والملكية والمولد . لقد حددت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق عملها أسبابًا إضافية يُحظر التمييز على أساسها ومنها الإعاقة والعمر والجنسية والوضع العائلي والميول الجنسية والهوية الجنسانية والوضع الصحي ومكان الإقامة والوضع الاقتصادي والاجتماعي . إن القضاء على التمييز بالإضافة إلى بعض الالتزامات الأساسية الدنيا التي حددتها اللجنة في بعض تعليقاتها العامة لا تخضع للإعمال التدريجي إنما تستوجب التنفيذ الفوري.
تؤكد ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه ” يتعين على كل فرد وهيئة في المجتمع ” السعي إلى توطيد احترام حقوق الانسان من أجل ” ضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة ” ، ويمتد ذلك ليشمل الشركات والمنظمات الدولية والمتعددة الأطراف والجهات الفاعلة من غير الدول .
ورد ذكر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في القانون الدولي بعد مدة طويلة من مطالبة الشعوب في أنحاء العالم بهذه الحقوق الأساسية . وهذا يعكس الحرص على حياة كل فرد، لا سيما الفئات الأكثر ضعفًا كما هو وارد في العديد من التقاليد الفلسفية أو الدينية أو غير ذلك .
وفي عصر يشهد تناميا للعولمة الاقتصادية وتفاقما لعدم المساواة داخل الدول وفي ما بينها ، لا بدّ أن تتوحد الجماعات الشعبية والمنظمات غير الحكومية والأكاديميون وغير ذلك من المنظمات والأفراد من أجل إدراك الصلات القائمة بين الصراعات المتواصلة المحلية الطابع ، وإعمال حقوق الإنسان بحيث يتمتع بها الجميع في الممارسة العملية . تبعًا للإدراك بأن أنماط الفقر والحرمان والحالات المرتبطة بهما تُعد إنتهاكا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبأنها ليست مجرد حظ عاثر أو أحداث خارج سيطرة الإنسان أو أنها نتيجة لإخفاقات فردية ، صيغ التزام يفرض على الدول وعلى الشركات ، وعلى نحو مطرد الجهات الفاعلة الأخرى من غير الدول، تفادي مثل هذه الحالات ومعالجتها.
يُستخدم إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أنحاء العالم بغية دعم الاجراءات الرامية إلى تحقيق العدالة ومناهضة الظلم ، وزيادة البدائل التقدمية لتعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . تقّدم ناشطون بدعاوى قضائية أمام هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدة ، وأمام المحاكم وغيرها من الهيئات المختصة بتسوية المنازعات للمطالبة بتغيير الانتهاكات المتكررة الموثقة والمنشورة ، والمجتمعات المحلية المعبأة ، والتشريعات الموضوعة ، والميزانيات المحلية الخاضعة للتحليل، والاتفاقات التجارية الدولية ، وذلك لضمان الامتثال لحقوق الإنسان وبناء التضامن والشبكات بين المجتمعات على الصعيدين المحلي والعالمي . إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توحد النساء والرجال والمهاجرين والشعوب الأصلية والشباب والشيوخ من كل الأجناس والديانات والاتجاهات السياسية والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية في تحقق مشترك للمبادئ العالمية للحرية والكرامة الإنسانية.