يحق لكل فرد التمتع بالحقوق الثقافية والحق في العلوم والحق في حماية المصالح المترتبة على التأليف . وتكفل هذه الحقوق الحق في المشاركة في فوائد الثقافة والعلوم والتمتع بها ، وتتصل بعملية السعي وراء المعرفة والفهم والإبداع البشري. تُعد هذه الحقوق جزءًا مهما من التناغم الاجتماعي وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحق في التعليم والحق في حرية الفكر والوجدان والدين. مع ذلك ، لا يجوز استغلال الحقوق الثقافية لتبرير الممارسات التي تطبق التمييز بحق فئات معينة أو تنتهك حقوق الإنسان الأخرى.
أكد إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي أنه ينبغي النظر إلى الثقافة بوصفها “مجمل السمات المميزة، الروحية والمادية والفكرية والعاطفية ، التي يتصف بها مجتمع أو مجموعة اجتماعية ، وعلى أنها تشمل، إلى جانب الفنون والآداب، طرائق الحياة وأساليب العيش معًا ونظم القيم، والتقاليد والمعتقدات.” ينطوي الحق في المشاركة في الحياة الثقافية على عناصر فردية وجماعية ، بحيث يُمكن ممارسة هذا الحق بصورة فردية وبالاشتراك مع الآخرين وداخل مجتمع أو جماعة. ينبغي للدول إيلاء اهتمام خاص للحقوق الثقافية للأقليات والشعوب الأصلية ، من ضمن جماعات أخرى، وتوفير الفرص التي تتيح لهم في آن معًا المحافظة على ثقافتهم وبلورة التنمية الثقافية والاجتماعية ، ويشمل ذلك المجالات المتعلقة باللغة والأرض والموارد الطبيعية .
قدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 21 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في المشاركة في الحياة الثقافية وحمايته والوفاء به . كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن خمس سمات مترابطة وأساسية هي :
- التوافر : لا بدّ أن تكون السلع والخدمات الثقافية متاحة ليتمتع بها ويستفيد منها كل فرد ، بما فيها المؤسسات والأحداث ( مثل المكتبات والمتاحف والمسارح ودور السينما والملاعب الرياضية) ، والأماكن المفتوحة المشتركة، والسلع الثقافية غير المادية (مثل اللغات والعادات والمعتقدات والتاريخ).
- إمكانية الوصول : يمشل الوصول إلى الثقافة أربعة عناصر أساسية هي عدم التمييز وإمكانية الوصول المادي وإمكانية الوصول بالمنظور الاقتصادي وإمكانية الوصول إلى المعلومات . يتعين على الدول أن تكفل لكل فرد فرص فعالة وملموسة ومتاحة للتمتع بالثقافة من غير تمييز. ولا بدّ أن تمتد إمكانية الوصول إلى المناطق الريفية والحضرية مع التركيز على الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والأشخاص الذين يعيشون في فقر . كذلك يتعين على الدول أن تضمن حق كل فرد في طلب المعلومات المتعلقة بجميع مظاهر الثقافة باللغة التي يختارها وتلقي هذه المعلومات وتقاسمها .
- المقبولية : في ما يتعلق بالتدابير المتخذة لإعمال الحقوق الثقافية، يتعين على الدول إجراء مشاورات مع المعنيين من الأفراد والمجتمعات لضمان أن تحظى تدابير التنوع الثقافي بالقبول منهم.
- القابلية للتكيف : يبنغي للدول اعتماد مقاربة مرنة إزاء الحقوق الثقافية ، واحترام التنوع الثقافي للأفراد والمجتمعات .
- الملاءمة : ينبغي أن يتناسب إعمال الحقوق الثقافية مع السياق ذي الصلة ، مع إيلاء الدول اهتمام خاص للقيم الثقافية المرتبطة بجملة أمور من بينها الغذاء ، والاستهلاك الغذائي ، واستعمال المياه ، وطريقة تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، وطريقة تصميم المساكن وتشييدها .
الحق في العلوم
لا يقتصر الحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته على النتائج العلمية وحسب، بل يشمل ايضًا العملية العلمية ومنهجياتها وأدواتها. ويُمكن النظر إلى العلوم على أنها البحوث النظرية والعملية ودراسة كل مجالات التقصي والتحقيق ، بما فيها العلوم الاجتماعية .
الحق في حماية المصالح المعنوية والمادية للمؤلفين
حيثما يُنتج شخص ما أي عمل علمي أو أدبي أو فني ، فهو يملك الحق في الاستفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على ذلك . وتجدر الإشارة إلى أنه غالبا ما نجد هذه الحماية في الملكية الفكرية بدلا من صكوك حقوق الإنسان بوصفها حق من حقوق الانسان ، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا مع الكرامة الانسانية المتأصلة للإبداع البشري ولا يمكن إلغاؤها أو ترخيصها أو تحويلها لصالح شخص آخر .
قدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 17 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على التأليف . كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن ثلاث سمات مترابطة وأساسية هي :
- التوافر : يتعين على الدول سنّ التشريعات والأنظمة الكافية ، وسبل الانتصاف الملائمة لحماية مصالح المؤلفين .
- إمكانية الوصول : يتضمن الوصول إلى سبل الانتصاف الملائمة لحماية المؤلفين ثلاثة عناصر أساسية هي : الوصول الفعلي والوصول بالمنظور الاقتصادي والوصول إلى المعلومات المتعلقة بإطار سبل الانتصاف ذات الصلة.
- نوعية الحماية : يتعين على الدول التأكد أن تُدير السلطة المختصة اجراءات حماية مصالح المؤلفين إدارةً تتسم بالكفاءة والسرعة .