يشارك
الأربعاء, ديسمبر 16, 2020
يشارك

Nature of the Case

قضت المحكمة العليا في زيمبابوي بأن بلدية تشيتونغويزا قد أخلّت بالتزاماتها في ما يخصّ معالجة مياه الصرف الصحي الخام الناتجة ضمن نطاق صلاحياتها، ومنع تصريفها في البيئة، وتوفير مياه صالحة للشرب لسكانها. وبناءً عليه، أمرت المحكمة البلدية بوقف أفعالها وإغفالاتها المخالفة للقانون، وبإصلاح محطات معالجة المياه، وألزمتها بتحمّل نفقات الدعوى. كما أصدرت المحكمة أوامر منع تُلزم بإجراء عمليات تفتيش دورية وتقديم تقارير امتثال، واضعةً بذلك توجيهات واضحة لضمان الإنفاذ.

Summary

تأوي بلدية تشيتونغويزا (“البلدية”) ما بين 400 ألف و650 ألف نسمة، وتضم حوضًا نهريًّا يتكوّن من سد مودا، وروافد سيكي/هارافا، ومجاري نهر نياتسيم، وروافد نهر مانيامي.

تنص المادة 168 من قانون المجالس الحضرية في زيمبابوي على التزام البلديات بتوفير مياه صالحة للشرب للسكان، وضمان معالجة مياه الصرف الصحي الناتجة ضمن نطاق صلاحياتها. كما تحظر المادة 57 من قانون الإدارة البيئية على البلديات تصريف الملوّثات أو السماح بتصريفها في البيئة المائية.

منذ عام 2013 على الأقل، تسبّبت البلدية، أو سمحت، بتصريف مياه الصرف الصحي الخام في الجداول ومصادر مياه الشرب، كما تقاعست عن صيانة محطات المعالجة، مما عرّض حياة السكان والبيئة المائية لمخاطر جسيمة. وفي مناسبتين منفصلتين، خلال كانون الأول/ديسمبر 2011 وتموز/يوليو 2018، أدان مجلس الإدارة البيئية، التابع لوكالة الإدارة البيئية (“الوكالة”)، البلدية بتهمة تصريف مياه الصرف الصحي في البيئة، وأصدر أمرًا بوقف أنشطتها غير القانونية. وفي أيار/مايو 2019، كشفت عمليات تفتيش أجرتها الوكالة أن البلدية استمرّت في تصريف مياه الصرف الصحي الخام في البيئة المائية من خلال نقاط تصريف غير مسجّلة، في انتهاك صريح للمادة 5(1) من قانون الإدارة البيئية بشأن التخلّص من النفايات السائلة والصلبة. كما أظهرت عمليات التفتيش إخفاق البلدية في أداء واجبها بإنشاء مواقع مخصّصة لجمع النفايات، وإغلاق مكبّ نفايات صلبة غير مبطّن، وإنشاء مطمر صحي. وقد فرضت على البلدية غرامة بقيمة خمسة آلاف دولار أميركي، وأُرفق بها أمر بإصلاح المواقع المتضرّرة.

إن تقاعس البلدية عن تنفيذ سبل المعالجة التي أمرت بها الوكالة ما زال يُشكّل خطرًا جسيمًا على الصحة والسلامة العامّة. إذ تتصل منطقة بلدية تشيتونغويزا بمناطق أخرى عبر التقاءات لمجاري المياه، ما يؤدي إلى تلوّث مصادر المياه في مناطق تتجاوز نطاق اختصاصها. وفي سياق تغيّر المناخ وتناقص الموارد المائية، يفرض تلوّث المياه استخدام مصادر ملوّثة، ويحول دون التخفيف من الآثار القاسية للجفاف في اقتصاد يعتمد على الزراعة. وفي ظل غياب أي تدابير تصحيحية، تستمر جودة المياه المتدهورة في تهديد صحة الإنسان وسلامته، عن طريق زيادة مخاطر الإصابة بالكوليرا، والتيفوئيد، والزحار، فضلًا عن تسبّبها في تدهور الغطاء النباتي المحلّي وتدمير الحياة البرية.

تبعًا لذلك، اتخذت جمعية القانون البيئي في زيمبابوي، في حزيران/يونيو 2020، إجراءً قانونيًّا ضد البلدية والوكالة أمام المحكمة العليا في زيمبابوي، على خلفية التصريف غير القانوني لمياه الصرف الصحي غير المعالجة في البيئة المائية ومصادر المياه في تشيتونغويزا. وسعت الجمعية إلى استصدار أمر حظر يمنع البلدية من الاستمرار في تصريف هذه المياه إلى البيئة، فضلًا عن استصدار أمر إلزامي يُلزمها بإصلاح محطات معالجة المياه وأنظمة الصرف الصحي أو تحديثها، بما يكفل معالجة المياه معالجةً سليمة قبل تصريفها.

أكدت جمعية القانون البيئي في زيمبابوي أن تقاعس البلدية عن معالجة مياه الصرف الصحي وتصريفها بطريقة سليمة يُعد انتهاكًا لقانون الإدارة البيئية ولوائحه، وقانون المجالس الحضرية، ودستور زيمبابوي. إذ تنص المادة 731(1)(أ) من الدستور على أن “لكل شخص الحق في التمتع ببيئة لا تُلحق ضررًا بصحته أو رفاهه”. ويعزّز هذا الحق ما ورد في المادة 4(1) من قانون الإدارة البيئية، التي توجب على جميع الهيئات الحكومية منع الآثار السلبية على البيئة أو الحد منها. كما تُحمّل المادة 4(2)(ز) من القانون ذاته كل من يتسبّب في تدهور بيئي مسؤولية إصلاح ذلك التدهور وما ينجم عنه من أضرار صحية. إضافة إلى ذلك، تضمن المادة 77(1)(أ) من الدستور الحق في الحصول على مياه مأمونة ونظيفة. ويؤكّد قانون الإدارة البيئية هذا الحق من خلال تجريم تصريف الملوّثات والمواد الخطرة في البيئة المائية، وإلزام الطرف المخالف بتحمّل كلفة إزالة النفايات وأعمال الترميم البيئي.

في 16 كانون الأول/ديسمبر 2020، قضت المحكمة العليا بما يلي: (1) منع البلدية من تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البيئة؛ (2) وإلزام البلدية بإصلاح محطات معالجة المياه وأنظمة الصرف الصحي أو تحديثها بما يكفل معالجة مياه الصرف الصحي معالجة سليمة قبل تصريفها، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم؛ (3) وإلزام الوكالة بإجراء عملية تفتيش خلال المدة عينها لتقييم مدى الامتثال لأحكام قانون الإدارة البيئية، وتقديم تقرير التفتيش إلى أمين سجل المحكمة العليا؛ (4) وإلزام البلدية بتحمّل نفقات الدعوى على أساس أتعاب المحامي والموكّل.

Enforcement of the Decision and Outcomes

عقب زيارة وكالة الإدارة البيئية، لم تبادر بلدية تشيتونغوايزا إلى إصلاح أنابيب الصرف الصحي على الفور، لكنها عمدت لاحقًا إلى إصلاح المنطقة المحددة التي كانت تُعد مصدرًا رئيسًا للتصريف. إلا أن بعض المناطق في تشيتونغوايزا لا تزال تشهد تصريفًا عشوائيًّا لمياه الصرف الصحي. ويُلاحظ أن تنفيذ قرارات المحاكم وتطبيقها في زيمبابوي كثيرًا ما يتأثر بضعف الموارد المالية المتاحة لتنفيذ الأشغال لدى البلديات والدوائر الحكومية.

Significance of the Case

منذ اعتماد الدستور الجديد لزيمبابوي عام 2013، أُدرجت فيه أحكام تعنى بالحقوق البيئية، ليُشكّل بذلك الإطار القانوني الأساسي لحماية البيئة في البلاد. وقد أسهمت هذه الحقوق المستحدثة في توسيع دور القضاء في التصدي للتدهور البيئي المستمر في ما يصدره من أحكام. وعلى الرغم من استمرار أزمة المياه الصالحة للشرب في البلاد، لم تبادر المحاكم الزيمبابوية إلى الاضطلاع بدور فاعل في إنفاذ الحقوق البيئية للمواطنين. وتُعدّ هذه القضية سابقة قضائية بالغة الأهمية، إذ اتخذت المحكمة العليا في زيمبابوي إجراءً نوعيًّا يرمي إلى تعزيز الحقوق البيئية وإنفاذها، عن طريق فرض التزام إيجابي على السلطات الزيمبابوية لضمان حق السكان في مياه شرب مأمونة، وفي بيئة لا تضر بصحتهم أو رفاههم.

شكر خاص لعضو الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، برنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي، جامعة نورث إيسترن على إسهاماته.

Ruling