على مستوى العالم، تواجه الدول أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية وبيئية كثفتها جائحة كوفيد-19. وبالنسبة إلى الدول متدنية ومتوسطة الدخل، فاقم من هذه الأزمات وجود أعباء الديون، التي تقيد قدرة الحكومات على الرد والاستجابة. هذه الظاهرة كثفت من اللامساواة وعرضت حقوق الإنسان للخطر. إن عدم قدرة هذه الدول على الحصول على اللقاحات بسبب حماية الملكية الفكرية من قبل شركات الأدوية، والخصخصة، وتوطين اللقاحات، عرّضت النماذج والبنى النيوليبرالية للإخفاقات، وفاقمت منها، ما يتطلب إعادة التفكير على مستوى عميق في ممارسات واشتراطات الأطراف المقدمة للقروض، ومنها صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية الأخرى، التي لطالما أسهمت في حدوث هذه الإخفاقات.
دأب صندوق النقد الدولي على فرض إصلاحات نيوليبرالية للسياسات وإعادة هيكلة على نفس المنوال، في خضم أزمات الديون التي ترجع جذورها إلى اللامساواة العالمية والإرث الاستعماري، فضلاً عن ظاهرة هيمنة الشركات على صناعة القرار الحكومي. حتى في خضم الجائحة، كما يتضح من حالتي كينيا والأرجنتين، أضعفت هذه الإصلاحات الهيكلية من حقوق العمال وتدابير الحماية الاجتماعية، مع خصخصة وتسليع الاحتياجات الأساسية وتقويض السيادة الغذائية، والدفع بالنماذج الضريبية غير العادلة، وفرض إجراءات التقشف على الأغلبية، ما أدى إلى الإفقار والاستلاب وزيادة اللامساواة، بما يشمل اللامساواة الجندرية التي تواجه النساء اللاتي تحملن أعباء غير متناسبة تخص أعمال الرعاية، مع تمثيلهن بصورة غير متساوية في سوق العمل غير الرسمي وغير المستقر، فضلاً عن فئات سكانية أخرى. في مارس/آذار 2021 قام أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر الفريق العامل المعني بالسياسات الاقتصادية، بإصدار بيان عام، أثناء اجتماعات الربيع الخاصة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مصحوباً بجملة من المطالب، تشمل إعادة هيكلة أو إلغاء الديون للدول منخفضة ومتوسطة الدخل. لإظهار كيف أن أزمة الديون تضر بقدرة الدول على إعمال التزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان وتقوض التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، جمّع أعضاء الشبكة العالمية دراسات حالة من عدة دول تواجه تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية لأعباء الديون السيادية المتصلة ببرامج صندوق النقد الدولي.
مطالبنا المشتركة
في مارس/آذار 2021، أثناء اجتماعات صندوق النقد الدولي/البنك الدولي، قام أعضاء الشبكة العالمية من خلال الفريق العامل المعني بالسياسات الاقتصادية، بتقديم بيان عام قوي بالمطالب إلى صندوق النقد الدولي على وجه التحديد. وفي البيان، أكد الأعضاء على ضرورة التحرك الفوري فيما يخص الديون، مع مطالبة الصندوق بإلغاء ديون الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وضمان مركزية حقوق الإنسان في برامج وخطط العمل والحاجة إلى الامتناع عن اعتماد سياسات تستمر في تعميق الإفقار واللامساواة. كما طالب الأعضاء الصندوق باعتناق نهج إدارة أكثر ديمقراطية ومرونة، بما يسمح بالمشاركة الفعالة والحقيقية. نرجو قراءة البيان الكامل هنا.
كما شدد البيان على التزامات الدول بإعمال وحماية وتعزيز حقوق الإنسان. يشمل هذا التزامات خارج أراضي الدول وإعلاء أولوية الحقوق في المفاوضات وصناعة السياسات مع المؤسسات من قبيل صندوق النقد الدولي، التي لها آثار مباشرة على حقوق المواطنين.
دراسات الحالة هذه حول آثار الديون على حقوق الإنسان قدمها أعضاء الفريق العامل المعني بالسياسات الاقتصادية، وهم: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز الدراسات القانونية والاجتماعية، مؤسسة سياسات التنمية البديلة، معهد العدالة والديمقراطية في هايتي، مركز فينكس، حركة صحة الشعب – كينيا، ميلا تشيبوندا، وهي عضوة فرد في الشبكة.