كشبكة تضم أكثر من 300 حركة اجتماعية ومنظمة ومدافع / مدافعة عن حقوق الإنسان من 80 دولة، تؤكد الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توحدها في تضامننا مع شعب كينيا، وقد مارس حقوقه الإنسانية في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، وفي تنديدنا بمشروع قانون المالية لعام 2024، وهو تشريع عقابي اضطرت الحكومة في نهاية المطاف إلى سحبه من التداول آخر حزيران / يونيو. تجسد مشاركة الكينيين الواسعة في الاحتجاجات التزاماً ثابتاً بدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي تُعَد ضرورية لكرامة الإنسان والعدالة الاجتماعية.
وليس القمع العنيف الأخير للاحتجاجات السلمية إلا انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان ويعكس في شكل مأساوي تاريخ العنف الذي تجيزه الدولة في كينيا. وتُعَد التقارير عن إطلاق الشرطة النار، والاستخدام غير المسؤول وغير المناسب لكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع، والاختطاف، ونشر قوات الدفاع الكينية من دون تمكين الجمهور من أن يقيّم في شكل كامل مدى المشاركة العسكرية وموافقة الجمعية الوطنية، ما ينتهك المادة 241 (3) (ج) من دستور كينيا، كلها تطورات مقلقة للغاية. وتشير بيانات اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان إلى أن 39 شخصا لقوا حتفهم، وأصيب 361، إلى جانب 32 حالة اختفاء قسري أو غير طوعي، و627 حالة اعتقال لمتظاهرين. ولا تتعارض هذه الإجراءات مع قوانين كينيا فحسب، بل أيضاً مع المعايير القانونية الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.
وندعو الرئيس روتو إلى احترام أصوات الشعب الكيني وحقه في التجمع السلمي، على النحو المنصوص عليه في شرعة الحقوق بموجب دستور كينيا والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. لقد هدد مشروع قانون المالية لعام 2024 بتقويض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكينيين، بما يؤدي إلى تفاقم التفاوت والمشقة. ونظل متنبهين بينما تدرس الحكومة الآن مجموعة من تدابير التقشف. ذلك أن حقوق الإنسان في السكن اللائق، والصحة، والتعليم، ومستوى معيشي لائق يجب أن تحظى بالحماية. علماً بأن هذه الحقوق محمية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي تُعَد كينيا طرفاً فيه.
ونذكّر الرئيس روتو بأن السلطات السيادية كلها ملك لشعب كينيا وأن سلطته مستمدة من الشعب، ولذلك فعلى الرئيس والمسؤولين الحكوميين والمؤسسات الحكومية التزام باحترام حقوق الإنسان والحقوق الدستورية ذات الصلة لشعب كينيا وحمايتها وإعمالها. كذلك نعرب عن تضامننا مع الحركة الشعبية المتنامية والمتعمقة لحقوق الإنسان، التي تحركها مطالب الناس بالرفاه والكرامة والمشاركة. وننضم إلى جزء متزايد من المجتمع الدولي في التضامن مع شعب كينيا في كفاحه من أجل العدالة وحقوق الإنسان.
وندرك أيضاً الدور المهم الذي تؤديه المؤسسات المالية الدولية، ولاسيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في تشكيل السياسات الاقتصادية في كينيا وغيرها من البلدان الواقعة في الجنوب العالمي. ذلك أن شروط صندوق النقد الدولي القاسية، التي المجربة والمختبرة من قبل مع نتائج كارثية، أثرت في صياغة مشروع قانون المالية المثير للجدل لعام 2024، الذي أثار الغضب في البلاد. ولا تزال شروط الإقراض، وكذلك تدابير التقشف، التي تروج لها هذه المؤسسات، تفاقم الفقر وعدم المساواة، وتعزز هياكل الاستعمار الجديد، وتقوّض قدرة الحكومة الكينية على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. وكثيراً ما تؤدي الشروط المرتبطة بالمساعدة المالية إلى تخفيضات في توافر البضائع والخدمات العامة الأساسية، فضلاً عن فرض ضرائب تنازلية وتطبيق أنظمة عمل ضعيفة. وتؤثر هذه الشروط تأثيراً غير متناسب في المجتمعات المحلية الفقيرة والمهمشة أصلاً، ولا سيما في النساء بكل تنوعهن داخل تلك المجتمعات.
تماشياً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، يدعو أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحكومة الكينية إلى:
- وقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين: يجب احترام حقوق الإنسان في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع وحمايتها.
- إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة: يجب التحقيق في شكل شامل في عمليات القتل والاختطاف والمعاملة المهينة القاسية المبلغ عنها بحق الأشخاص ومحاسبة المسؤولين عنها لضمان العدالة ومنع الانتهاكات في المستقبل.
- وقف اختطاف المتظاهرين وإطلاق سراح المختطفين جميعاً من دون قيد أو شرط: يجب احترام حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه وحمايته، بما في ذلك حقه في عدم حرمانه من الحرية تعسفاً أو من دون سبب منصف.
- الدخول في حوار هادف مع المجتمع المدني: يجب معالجة الشواغل الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وضمان أن أي سياسة اقتصادية تحترم حقوق الإنسان للكينيين جميعاً وتعززها.
- ضمان أن تعمل الأجهزة الأمنية كلها وأن تندرج التدابير الأمنية المتخذة كلها من ضمن حدود القانون: تطبيقاً لأوامر المحاكم، يجب على قوات الأمن الكينية الامتثال لسيادة القانون مع أقصى احترام للديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- ضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان: يجب التمسك بمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وتوفير بيئة آمنة لأولئك الذين يدافعون عن العدالة وحقوق الإنسان.
ننضم إلى كثيرين في المجتمع الدولي الذين يطالبون الحكومة الكينية بالامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، ونحن متضامنون مع جهود المجتمع المدني الكيني في الدفاع عن العدالة والكرامة للجميع.