Summary
اعترضت نيل توسان على حرمان كندا المهاجرين غير الموثقين من شمولهم بالرعاية الصحية في إطار برنامج فيدرالي وضعته الحكومة لتأمين الرعاية الصحية للمهاجرين ويحمل اسم البرنامج الصحي الفيدرالي المؤقت. فبعد أن استنفدت توسان سبل الانتصاف المحلية، رفعت مطالبها إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان (اللجنة) بموجب الاجراء الاختياري لتقديم الشكاوى (البروتوكول الاختياري الأول) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه كندا عام 1976.
ادعت توسان على كندا بانتهاك حقوقها في عدم التمييز (المادتان 2.1 و26)؛ والانتصاف الفعّال (المادة 2.3، أ)، والحياة (المادة 6)، وعدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية (المادة 7)؛ وحرية الشخص وأمنه (المادة 9.1) بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد)، وذلك لحرمانها من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحماية حياتها وصحتها على أساس وضع الهجرة غير النظامي الخاص بها.
كانت حجة كندا أن الدعوى التي قدمتها توسان للطعن في القانون بغية ضمان شمول المهاجرين بالرعاية الصحية بصرف النظر عن وضع الهجرة، غدت غير ذات أهمية لأنها مُنحت منذ ذلك الحين وضع الإقامة الدائمة، وأصبحت بالنتيجة مشمولة بالرعاية الصحية الكاملة. كذلك رأت كندا أن الدعوى تُعد حسية وغير مقبولة وهي تطعن في البرنامج برمته في انطباقه على الآخرين بدلًا من اعتباره انتهاكًا فرديًا. ردًا على ملاحظات الدولة الطرف، أرفقت مقدمة البلاغ دعواها مذكرتين من أصدقاء المحكمة صنفتهما اللجنة فتاوى قانونية، الأولى قدمتها منظمة العفو الدولية والثانية تحالف من المنظمات العضوة في الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
اتفقت اللجنة في الرأي مع توسان والمنظمات الداعمة لها، إذ وجدت أن الالتماس لم يكن دعوى حسية ولم يكن مجردًا من الأهمية. وأشارت إلى أن السياسة ألحقت ضررًا شخصيًا ومباشرًا بتوسان، وأن الرعاية الصحية التي تلقتها لاحقًا لم تعالج الأذى التي لحق بها بالفعل. بررت الدولة أنها تستوفي العبء الملقى على عاتقها عن طريق توفير خدمات رعاية صحية طارئة متاحة للجميع، فضلًا عن المراكز الصحية المجتمعية وسواها من الخدمات المجانية. لكن اللجنة قررت أن الرعاية الصحية الطارئة لا تكفي وحدها لضمان حماية الحق في الحياة، وأن وضع الهجرة هو منطلق تمييزي محظور بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأن حرمان المهاجرين غير النظاميين من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة للحياة لا يستند إلى معايير منطقية وموضوعية.
رأت المحكمة أن توسان لم تقدّم أدلة كافية تُثبت انتهاك حقوقها بموجب المادتين 7 و9 (1) من العهد. بيد أنها وجدت أن حق توسان في الحياة وحقها في عدم التمييز قد انتهكا بموجب المادتين 6 و26 من العهد، مُشيرة إلى أن الحق في الحياة غالبًا ما يُفسر تفسيرًا ضيقًا ولا يجوز فهمه بطريقة تقييدية. ورفضت اللجنة تأكيد الدولة الطرف أن مقدمة البلاغ كانت في الواقع تطالب بالحق في الرعاية الصحية وهذا الحق غير مدرج في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فوجدت أن الدولة الطرف ملزمة التزامًا إيجابيًا بحماية حق السيدة توسان في الحياة الذي يستوجب في ظل ظروفها الخاصة توفير الرعاية الصحية الأساسية. ويشمل الحق في الحياة التحرر من الأفعال والإهمال التي يُقصد بها أو يتوقع أن تتسبب في الوفاة غير الطبيعية أو المبكرة ويضمن الحق في التمتع بحياة كريمة. كما قررت اللجنة أن الدولة مُطالبة، بالحد الأدنى، بموجب المادة 6 بتوفير فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الموجودة التي يجب أن تكون متاحة ويُسهل الوصول إليها على نحو معقول عندما يؤدي الافتقار إليها إلى تعريض الشخص لخطر متوقع يُمكن ان يؤدي إلى الوفاة.
عملًا بالمادة 2 (3)(أ) من العهد التي تُلزم الدولة بتوفير سبل الانتصاف الفعالة، يطالب قرار لجنة الأمم المتحدة كندا بما يلي: 1) دفع التعويض الملائم والكافي للسيدة توسان عن الضرر الذي لحق بها، 2) واتخاذ الخطوات اللازمة للحؤول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، من بينها إعادة النظر في قوانينها لضمان حصول المهاجرين غير النظامين على الرعاية الصحية الأساسية لتفادي خطر متوقع يُمكن أن يؤدي إلى خسائر في الأرواح.