Summary
رفع المدعي دعوى قضائية باستخدام إجراء توتيلا القانوني ضد شركة الأشغال العامة في كارتاخينا، مدعيا أنها قد بدأت في تشغيل نظام صرف صحي غير مكتمل، مما أدى إلى فيضان مياه سوداء اللون وظروف غير صحية في اثنين من أحياء المدينة. حيث ادعى الشاكي بأنّ هذا التصرف يعتبر انتهاكا للمادة 88 من الدستور الكولومبي، والتي تحمي الحق في الصحة العامة، وطالب بالانتصاف الزجري لمنع حدوث ضرر لا يمكن جبره، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من المرسوم 2591. وعلى الرغم من أن المحكمة الإدارية في بوليفار قد أكّدت الظروف غير الصحية المزعومة، إلّا أنّها قضت بأنه لا يمكن استخدام اجراء توتيلا القانوني إلا لفرض الحقوق الأساسية المدرجة في المادة 1 من الدستور، والتي لا تشمل الحق في الصحة العامة.
وخلصت المحكمة الدستورية إلى أنه في دولة تسعى لتحقيق الرفاه الاجتماعي، لا يجب أن يحافظ القضاء على النص الرسمي للقانون فحسب، بل يجب أن يضمن تطبيقه بشكل إيجابي. وفي حين أن كلا من التشريعات والقرارات القضائية هي التي تخلق القانون، فإن للمحكمة دور أساسي يتمثّل في مراجعة السلطتين الأخريين للحكومة، وذلك بهدف تقييد السلطات وضمان تطبيق القوانين التي سنّتها الهيئة القضائية على الواقع الاجتماعي. كما يجب على القضاة الضغط على الهيئة التشريعية لضمان قيامهم بإنفاذ الحقوق بشكل فعال. هذا وتعتبر العلاقة بين النص الدستوري والواقع الاجتماعي أكثر أهمية من تحديد الحقوق الأساسية في الفراغ. الحقوق ليست رمزية ويجب فرضها.
يجب أن تنبثق الحقوق الأساسية من المبادئ الدستورية. حيث أنّ بعض الحقوق الأساسية غير مذكورة صراحة في الدستور، ولكن صلتها بالحقوق التي تمت تسميتها تتمثل في أنّه وفي صورة عدم حماية هذه الحقوق عير المعلنة رسميا، فلن يكون من الممكن ضمان الحقوق الأساسية المذكورة. إنّ تفسير المحكمة للدستور يمنح هذه الحقوق فعالية فورية، ولا تعتمد حمايتها على وضع القواعد التشريعية. فعند إعلان الحقوق الأساسية، يجب أن تأخذ المحكمة في عين الاعتبار الواقع الاقتصادي للدولة مع الحفاظ على الهدف النهائي المتمثل في بناء مجتمع أكثر عدالة وديمقراطية وحرية، على النحو المتوخى في ديباجة الدستور. ورأت المحكمة أنها يجب أن تتخذ قرارات من شأنها أن تُغيّر الوضع الراهن، مع عدم فرض أوامر يستحيل تنفيذها بالنظر إلى الواقع الاقتصادي للدولة. عندما يتم الإعلان عن حق أساسي أو إثبات وجود انتهاك في هذا الصدد، يجب على القضاة اتخاذ تدابير تضمن أولا وقبل كل شيء حماية هذا الحق، وتأخذ في عين الاعتبار أيضا الظروف المالية للمؤسسات العمومية.
يسمح إجراء توتيلا القانوني للمحاكم بأن تعلن بأنّ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي حقوق أساسية، وأن تأمر بإنفاذ هذه الحقوق. كما ينص الدستور على أنّه من واجب الدولة توفير الخدمات العامة ومعالجة المشاكل المتعلّقة بالصحّة والتعليم والبيئة والمياه. علاوة على ذلك، وبموجب المادة 366، تلتزم الدولة بإعطاء الأولوية للإنفاق الاجتماعي على أي تخصيص آخر للموارد. حيث تشير الأدلة إلى أنّ عدم وجود شبكات صرف صحي مناسبة يشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة. ويمكن أن يتسبب إنكار الحق المطلوب حمايته إلى المرض والموت وتعرض كلّ من الحق الأساسي في الحياة (المادة 11) والكرامة الإنسانية (المادة 1) للخطر. بالإضافة إلى ذلك، ولأن الحق المطلوب حمايته في هذه الحالة ينطبق على الأحياء المهمشة، فإنه يعرض للخطر أيضا الحقوق الأساسية للمهمشين (المادة 13). وبالتالي، فإن الحق في الصحة العامة هو حق أساسي.
وعليه، قامت المحكمة بإلغاء قرار المحكمة الإدارية وأمرت الأشغال العامة في كارتاخينا باستئناف بناء نظام الصرف الصحي في غضون ثلاثة أشهر. كما أعلنت المحكمة أن هذه القضية ستكون بمثابة سابقة لجميع القضايا المماثلة، حيث يمكن لمشاريع الأشغال العامة غير المكتملة التأثير على الصحة العامة.