تحديث (20 كانون الثاني/يناير 2023): مما يؤسف له أن نيل توسان وافتها المنية في التاسع من كانون الثاني/يناير 2023، لكن النضال من أجل ضمان تنفيذ القرار الصادر بشق الأنفس لدى الأمم المتحدة ما زال مستمرًا.
الأمم المتحدة ترى في حرمان المهاجرين غير الشرعيين من الخدمات الصحية الأساسية انتهاكًا للحقوق
أكدت اللجنة أن الدول ملزمة التزامًا إيجابيًّا بضمان حصول كل فرد على الرعاية الصحية الأساسية اللازمة للحؤول دون المخاطر المتوقعة التي تهدد الحياة، بصرف النظر عن وضع الهجرة الخاص به. علاوة على ذلك، يتعين على كندا توفير الجبر المنتظم والفردي على حد سواء، وإعادة النظر في تشريعاتها لضمان حصول المهاجرين غير الشرعيين على الرعاية الصحية الأساسية ومنح نيل توسان، المدّعية أو صاحبة البلاغ، التعويضات عن الضرر الذي لحق بها.
تاريخ الحكم:
24 تموز/يوليو 2018
المنتدى:
لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان
نوع المنتدى:
دولي
ملخص:
اعترضت نيل توسان على حرمان كندا المهاجرين غير الموثّقين من شمولهم بالرعاية الصحية في إطار البرنامج الصحي الفيدرالي المؤقت الذي أنشأته الحكومة لتأمين الرعاية الصحية للمهاجرين. وبعد أن استنفدت توسان سبل الانتصاف المحلية، رفعت مطالبها إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان (اللجنة) بموجب الاجراء الاختياري لتقديم الشكاوى (البروتوكول الاختياري الأول) الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدقت عليه كندا في عام 1976.
ادعت توسان على كندا بانتهاك حقوقها في عدم التمييز (المادتان 2.1 و26)؛ والانتصاف الفعّال (المادة 2.3، أ)، والحياة (المادة 6)، وعدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية (المادة 7)؛ وحرية الشخص وأمنه (المادة 9.1) بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد)، وذلك لحرمانها من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحماية حياتها وصحتها على أساس وضع الهجرة غير النظامي الخاص بها.
كانت حجة كندا أن الدعوى التي قدمتها توسان للطعن في القانون بغية ضمان شمول المهاجرين بالرعاية الصحية بصرف النظر عن وضع الهجرة، غدت غير ذات أهمية لأنها مُنحت منذ ذلك الحين وضع الإقامة الدائمة، وأصبحت بالنتيجة مشمولة بالرعاية الصحية الكاملة. وأردفت كندا أن الدعوى تندرج في إطار دعاوى الحسبة للصالح العام ولا تحظى بالمقبولية، لأنها تطعن في البرنامج برمته في انطباقه على الآخرين بدلًا من اعتباره انتهاكًا فرديًا. ردًا على ملاحظات الدولة الطرف، أرفقت مقدمة البلاغ دعواها مذكرتين من أصدقاء المحكمة صنفتهما اللجنة آراء قانونية، الأولى قدمتها منظمة العفو الدولية والثانية قدمها ائتلاف من المنظمات الأعضاء في الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
اتفقت اللجنة في الرأي مع توسان والمنظمات الداعمة لها، إذ وجدت أن الالتماس لم يكن من دعاوى الحسبة للصالح العام أو جدليًّا. وأشارت إلى أن السياسة العامة ألحقت ضررًا شخصيًّا ومباشرًا بتوسان، وأن الرعاية الصحية التي تلقتها لاحقًا لم تعالج الأذى التي لحق بها بالفعل. بررت الدولة أنها تستوفي العبء الملقى على عاتقها عن طريق توفير خدمات رعاية صحية طارئة متاحة للجميع، فضلًا عن المراكز الصحية المجتمعية وسواها من الخدمات المجانية. لكن اللجنة قررت أن الرعاية الصحية الطارئة ليست كافية لضمان حماية الحق في الحياة، وأن وضع الهجرة هو منطلق تمييزي محظور بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأن حرمان المهاجرين غير الشرعيين من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة للحياة لا يستند إلى معايير منطقية وموضوعية.
رأت اللجنة أن توسان لم تقدّم أدلة كافية تُثبت انتهاك حقوقها بموجب المادتين 7 و9 (1) من العهد. بيد أنها وجدت أن حق توسان في الحياة وحقها في عدم التمييز قد انتهكا بموجب المادتين 6 و26 من العهد، مُشيرةً إلى أن الحق في الحياة غالبًا ما يُفسر تفسيرًا ضيقًا، ولا يجوز فهمه بطريقة تقييدية. كما رفضت تأكيد الدولة الطرف أن مقدمة البلاغ كانت في الواقع تطالب بالحق في الرعاية الصحية وهذا الحق غير مدرج في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ورأت أن الدولة الطرف ملزمة التزامًا إيجابيًا بحماية حق السيدة توسان في الحياة الذي يستوجب في ظل ظروفها الخاصة توفير الرعاية الصحية الأساسية. ويشمل الحق في الحياة الحماية من الأفعال أو حالات التقصير التي يقصد منها أو يحتمل أن تؤدي إلى الوفاة غير الطبيعية أو المبكرة، كما يضمن الحق في التمتع بحياة كريمة. علاوة على ذلك، قررت اللجنة أن الدولة مُطالبة، بالحد الأدنى، بموجب المادة 6 بتوفير فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الموجودة التي يجب أن تكون متاحة ويُسهل الوصول إليها على نحو معقول عندما يتسبب الافتقار إليها بتعريض الشخص لخطر متوقع يُمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
عملًا بالمادة 2 (3)(أ) من العهد التي تُلزم الدولة بتوفير سبل الانتصاف الفعالة، يطالب قرار لجنة الأمم المتحدة كندا بما يلي: 1) دفع التعويض الملائم والكافي للسيدة توسان عن الضرر الذي لحق بها، 2) واتخاذ الخطوات اللازمة للحؤول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، من بينها إعادة النظر في قوانينها لضمان حصول المهاجرين غير النظامين على الرعاية الصحية الأساسية لتفادي خطر متوقع يُمكن أن يؤدي إلى خسائر في الأرواح.
تنفيذ القرار والنتائج الأخرى:
أمهلت الأمم المتحدة الدولة مدة 180 يومًا لتقديم معلومات تُبيّن التدابير المتخذة لتفعيل هذا القرار، وطالبتها بنشر رأي الأمم المتحدة على نطاق واسع. يُذكر أن جماعات حقوق الإنسان في كندا تمارس ضغوطًا على الحكومة الاتحادية لتنفيذ القرار. لقد عانت نيل توسان عددًا من الانتكاسات الصحية الخطيرة. مع ذلك ما زالت أبدت مرونةً وكانت تأمل أن تتمكن من ترتيب الرعاية المجتمعية. كما ارتفعت روحها المعنوية بسبب الاستجابة الدولية على النصر الذي أحرزته.
المجموعات المشاركة في القضية:
مركز الدفاع عن الحقوق الاجتماعية
منظمة العفو الدولية – كندا
مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
مركز الدراسات القانونية والاجتماعية
المبادرة العالمية من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية
الشبكة العالمية للحقوق لاقتصادية والاجتماعية الثقافية
القسم 27
معهد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في جنوب أفريقيا
دلالة القضية:
إنه القرار الأول من نوعه الذي يصدر عن هيئة حقوقية في الأمم المتحدة منشأة بموجب معاهدة بعد النظر في حالة حرمان مهاجر غير نظامي من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحماية حياته. علاوة على ذلك، أكدت اللجنة أنه يتعين على الدول اتخاذ تدابير إيجابية لحماية الحق في الحياة. ويُشدد هذا القرار على ترابط حقوق الإنسان كافة، لا سيما العلاقة بين الرعاية الصحية والحق في الحياة؛ من ثمّ، فإنه يعد منطلقًا للدعوة من أجل الحصول على الرعاية الصحية في سائر البلدان التي صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو التي تعترف بالحق في الحياة وعدم التمييز. ويقدم القرار تفويضًا يؤكد أن الدول لديها التزامات إيجابية في مجالات أخرى مرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثل الحصول على السكن والغذاء والماء والصرف الصحي، وذلك للطعن في الحرمان من الوصول إلى المقومات الأساسية من أجل حماية الحياة.
بالإضافة إلى ذلك، يُعد أخذ اللجنة بالآراء القانونية المقدمة من منظمة العفو الدولية وائتلاف من المنظمات الأعضاء في الشبكة العالمية سابقة مفيدة في الممارسة المنبثقة عن هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات، والتي يُمكن بواسطتها تزويد اللجان بالخبرة والحجة اللازمتين من مصادر متنوعة. كما يدل على قوة العمل الجماعي الذي تؤديه منظمات المجتمع المدني.
في الختام، يُسهم هذا القرار أيضًا في تطبيق التعليق العام الجديد رقم 36 بشأن الحق في الحياة الذي اعتمدته اللجنة مؤخرًا في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018. يؤكد التعليق العام رقم 26 بقوة ترابط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة، ويعزز القدرة على التصدي للانتهاكات الهيكلية للحق في الحياة الناجمة عن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. (للاطلاع على معلومات إضافية عن التعليق العام وإسهامات الأعضاء في صياغة محتواه، أنقر هنا).
الموارد ذات الصلة:
- تيريزا رايت، كندا تنتهك حقوق المهاجرين غير الشرعيين بحرمانهم من الرعاية الصحية الأساسية: لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، الصحافة الكندية، 15 آب/أغسطس 2018.
- ي.ي. براندون تشين، لا يجوز استبعاد المهاجرين غير الشرعيين من الرعاية الصحية، ذا جلوب آند ميل، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
- كندا: للأشخاص الذين لا يتمتعون بوضع قانوني الحق في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، منظمة العفو الدولية، كندا، 14 آب/أغسطس 2018.
- ليزا ناكاراتو، الأطباء يحثون أوتاوا على توسيع الرعاية الصحية لتشمل المهاجرين غير الشرعيين، سي بي سي، 29 كانون الأول/ديسمبر 2019.
- نيشا كانسال وأرناف أغاروال، ” الرعاية الصحية حق من حقوق الإنسان، والمهاجرون ليسوا استثناءً”، ذا ستار، 23 كانون الأول/ديسمبر 2018.
- من مهاجرة لا تحمل وثائق إلى فرد كامل الحقوق: المدافعة التي حاربت الحكومة الكندية تصل إلى الأمم المتحدة وتتحول إلى “مصدر إلهام”.
- نصر تاريخي في لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وتقاضٍ مستمر في كندا: حق المهاجرين غير الشرعيين في الحياة وحمايتهم من التمييز في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
- في ذكرى نيل توسان: بيان بمناسبة وفاة المدافعة الرائدة عن حقوق الإنسان.
آخر تحديث في كانون الثاني/يناير 2023.