Nature of the Case
ألغت المحكمة الدستورية كل التراخيص الممنوحة سابقًا لشركات التعدين الخاصة، وعددها 347 ترخيص، والتي تجيز لها استخراج المعادن من منطقة مستجمعات الأمطار (بارامو)، وهي منطقة مهددة إيكولوجيًا في جبال الأنديز الكولومبية.
ألغت المحكمة الدستورية كل التراخيص الممنوحة سابقًا لشركات التعدين الخاصة، وعددها 347 ترخيص، والتي تجيز لها استخراج المعادن من منطقة مستجمعات الأمطار (بارامو)، وهي منطقة مهددة إيكولوجيًا في جبال الأنديز الكولومبية.
رفع أعضاء من الحزب اليساري المعارض، والقطب الديمقراطي، والقمة الزراعية (لا كومبري أغاريا، وهي حركة اجتماعية في كولومبيا) دعوى قضائية للطعن بالمادة 173 الواردة في خطة التنمية الوطنية في كولومبيا. فقد حظرت خطة التنمية الوطنية منح تراخيص جديدة لاستخراج المعادن، بيّد أنها أبقت 347 رخصة ممنوحة لاستخراج الذهب أو النفط سارية المفعول. تعد مستجمعات الأمطار إحدى أهم النظم الإيكولوجية في كولومبيا، إذ توفر المياه الصالحة للشرب لمعظم أنحاء البلاد عن طريق تخزين مياه الأمطار في موسم الشتاء وتحريرها في موسم الجفاف. لكن التعدين يسهم في تعطيل النظام الإيكولوجي الحساس وتلوثيه مهددًا الصحة البيئية في المنطقة على المدى البعيد، مع ما يرافق ذلك من أثار على تمتع المجتمعات المحلية بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان. أيدت المحكمة الدستورية الحجة التي استند إليها حزب المعارضة في دعواه بأن الصحة البيئية في المنطقة تتجاوز الحقوق المكتسبة لشركات استخراج المعادن. فألغت المادة 173 وأمرت بالإنهاء الفوري والمطلق لأعمال التعدين في المنطقة. وأكدت المحكمة في قرارها أن الدستور يفرض على الدولة حماية الصحة البيئية، والحق في المياه، لا سيما في ما يخص الاستهلاك البشري.
كان سكان المنطقة بغالبيتهم من المزراعين ومن أفراد المجتمعات المحلية ذوي الأصول الأفريقية، لكنهم تعرضوا للنزوح القسري إبان الصراع المسلح الذي دام 50 عامًا، أو للاستهداف بوجه خاص من أولئك الطامعين بالاستيلاء على أراضيهم الغنية بالموارد الطبيعية. فسُلبت أجزاء من الأراضي لصالح "المشروعات الاستراتيجية ذات المصلحة الوطنية" التي منحتها خطة التنمية في البداية الأولوية على التزام الدولة بإعادة الأرض إلى سكانها الأصليين. وأصبح عدد النازحين داخل كولومبيا يُقدّر بنحو 7 ملايين شخص. وعليه، ألغت المحكمة الدستورية في قرارها المادتين 50 و51 المتعلقتين ببرنامج المشروعات الاستراتيجية ذات المصلحة الوطنية. ذلك أن المادة 50 تحظر إعادة الأراضي إلى السكان الذين تم إجلاؤهم من المناطق الواقعة ضمن نطاق المشروعات الضخمة التي تنفذها المشروعات الاستراتيجية ذات المصلحة الوطنية. كذلك رأت المحكمة أن المادة 51 تنتهك المبدأ الدستوري المتصل بالأراضي المتمتعة بالاستقلال الذاتي، لأن القضايا المتعلقة باستخدام الأراضي والتخطيط تقع ضمن سلطة البلديات وليس الحكومة المركزية، كما هو مبيّن في المادة 51. فقررت المحكمة أن الأولويات التي حددتها خطة التنمية الوطنية تنتهك الحقوق الدستورية لضحايا النزوح.
أعلنت المحكمة عدم دستورية ثلاث مواد وردت في خطة التنمية الوطنية (أو عدم دستوريتها جزئيا)، وأمرت بوقف كل أنشطة التعدين على الفور، وحظرت أي أنشطة تعدينة مماثلة مستقبلية في المنطقة. كما أمرت بإعادة الأراضي الواقعة ضمن نطاق المشروعات الاستراتيجية ذات المصلحة الوطنية.
تُعد هذه القضية نصرًا للنشطاء والدعاة المهتمين بالبيئة وأيضًا للمجتمعات المحلية. وتمهد الطريق أمام مطالبة النازحين في كولومبيا باستعادة أراضيهم بسهولة أكبر، وحماية النظام البيئي الحيوي المُهدد من آثار التعدين المدمرة. كما تحمي حقوق الناس وتقدمها على حقوق المستثمرين ومصالح الشركات الأخرى. أخيرًا، تُرسي هذه القضية سابقة تؤكد أن الحقوق البيئية في كولومبيا تصونها الضمانة الدستورية .