يشارك
السبت, يوليو 1, 2023
يشارك
Systemic Critique Buenos Aires 2023

اجتمع 30 من أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذين أتوا من أكثر من 15 دولةً، في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس خلال الفترة الممتدّة من 12 إلى 16 يونيو/حزيران. وقد شارك المُجتمعون في ورشة العمل الثالثة المخصّصة للنقد الممنهج والتي عُقدت تحت عنوان “الاهتمام بالرعاية وإعمال عدالة الديون”. إن مشروع النقد الممنهج كناية عن مبادرة تثقيف سياسي داخل الشبكة، حيث يمكن إنشاء مساحة مخصّصة للتعلم النقدي والنقاشات المرتبطة بالنظام الاقتصادي الرأسمالي النيوليبرالي المهيمن بهدف تقديم رؤًى بديلة للمستقبل من أجل جعل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية حقيقةً واقعةً بالنسبة للجميع.

وقد ركّزت ورشة العمل الأخيرة هذه على تقاطع أزمات الديون والرعاية والمناخ، حيث قدّم الأعضاء مجتمعين تحليلًا مشتركًا متعدّد الجوانب يوضح أهمية فهم الآثار الجنسانية لما يُعرف بأزمات الديون ويربطها بأزمة الرعاية بشكل واضح وصريح. وكانت هذه المرّة الأولى التي يجتمع فيها عدد من أعضاء فريق عمل السياسة الاقتصادية ومجموعة العمل المعنيّة بالمرأة وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية شخصيًا للتعلم والمشاركة ووضع الاستراتيجيات وبناء تضامن هادف.

وتمكّن أعضاء الشبكة، من خلال ورشة العمل هذه، من الشروع في تحليل الروابط العميقة بين أزمات الرعاية وأزمات الديون. وتطرّق أعضاء فريق عمل السياسة الاقتصادية إلى الدور الحاسم الذي يؤديه العاملون في مجال الرعاية من حيث ضمان التكاثر الاجتماعي الضروري للدفع بمجتمعنا إلى الأمام. وشرح دان أوالو (من حركة صحة الشعوب، كينيا) كيف أنه لم يكن يُدرك مدى قوة العمل في مجال الرعاية، مشيرًا إلى أنه اختبر لحظة “إدراك” عندما فكّر في التداعيات الممكنة لإضراب جميع العاملين في مجال الرعاية. وأدّت مناقشة الروابط المباشرة بين الديون السيادية وديون الأسرة خلال ورشة العمل إلى اتّضاح الحاجة إلى تحليل نسوي أقوى ومتعدّد الأوجه عند معالجة هذه القضايا. وقد اعتبر أعضاء مجموعتي العمل أن المساحة كانت منتجةً وملهمةً، كما كان هناك رغبة واضحة في إنشاء مساحات إضافية من أجل توسيع نطاق التثقيف السياسي ليشمل عددًا أكبر من الأعضاء.

وبعد تخصيص وقت طويل لتحليل مفهوم أزمات الديون والرعاية وتاريخها وآثارها، أعطت ورشة العمل أيضًا الأعضاء فرصة تصوّر عالم جديد والتعمق أكثر في تخيّل ما قد يبدو عليه الاقتصاد القائم على الرعاية بالفعل.

وناقش الأعضاء أولاً أزمات الديون الحالية، حيث أشاروا إلى المظالم القاسية التي تواجهها المجتمعات نتيجة الديون غير العادلة وغير المشروعة. كما اعتبرت رادياتو شريف (من منبر المرأة للموارد الطبيعية)، عن حق، أننا “ندفع ثمن قرارات لم نتّخذها”. وأيّد الأعضاء هذا الرأي بشكل كبير، حيث أوضحوا الروابط بين القرارات التي اتخذتها القوى الاستعمارية والديون بحدّ ذاتها، الأمر الذي اعتبرته كارولينا (من مؤسسة سياسات التنمية البديلة) “شكلًا من أشكال الاستعمار”. وتمّ تشبيه الديون هذه بالأغلال التي تُكبّل أجيال مجتمعاتنا وتُبقيهم كرهائن،

حيث قالت خوانا توليدو (من مجلس الشعوب الأصلية) “إننا نعي أن هذا الدين لن يتم سداده قبل سنوات عديدة وسيُلزم أطفالنا وأحفادنا بسداده”.
وكان من الضروري أن يستخلص الأعضاء الروابط بين الديون والنظام الأبوي، مع التركيز على الآثار الجنسانية لأزمات الديون على المرأة والأنواع الاجتماعية المستضعفة الأخرى. فقد أكّد هانس سيدييل (من الشبكة العابرة للقارات لتعزيز اقتصاد التضامن الاجتماعي في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي) أنه “علينا التغلب على النظام الأبوي في نضالنا ضدّ الرأسمالية”.

وسلطت الجائحة الضوء على الحاجة الماسة إلى العمل في مجال الرعاية وإلى العاملين فيه، إلّا أنها أظهرت أيضًا إلى أي مدى يتمّ تجاهل هذا النوع من العمل ولا يتمّ تقديره. فقد أشارت نورما (من الاتحاد الوطني لعمال المنازل) إلى أنه

“يتمّ إظهار عمل الرجل الذي يتم تقديره إلى حدّ ما، في حين أن عمل المرأة غالبًا ما يكون خفيًا وغير مقدّر”.
وقارن الأعضاء رؤاهم التحويلية مع النظام الاقتصادي النيوليبرالي الحالي والذي يعتمد على الاستخراج والاستغلال والقمع من أجل الاستمرار. وبدأوا بدل ذلك في تكوين تصوّر مشترك لاقتصاد قائم على الرعاية ويرتكز على مبادئ الرعاية والتعاون والتضامن، إذ يعطي هكذا اقتصاد الأولوية لرعاية بعضنا البعض وكوكب الأرض والأجيال القادمة. إن العمل في مجال الرعاية هو ما يجعل كلّ الأعمال الأخرى ممكنةً، فهو يضمن استمرارية الحياة. وقد شدّد الأعضاء على الحاجة لتقوية حركة عالمية تربط الأصوات المشتركة المطالبة بتحقيق عدالة الديون والعدالة البيئية، وذلك في إطار الرعاية.

شاركنا في استضافة ورشة العمل في الأرجنتين مع مركز الدراسات القانونية والاجتماعية (CELS)، وهو عضو في الشبكة. وسمح ذلك لأعضاء الشبكة القادمين من خارج البلاد بترسيخ النقاشات في إطار تاريخ غني من التنظيم والمقاومة. وكنا محظوظين في إنشاء مساحة تمكّن الأعضاء فيها من التواصل بشكل مباشر مع الحركات الاجتماعية المحلية والناشطين المحليين الذين لطالما ناضلوا في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة الاقتصادية. كما حضر ورشة العمل قادة حركة “لا غارغانتا بوديروزا” (La Garganta Poderosa)، وهي حركة ثورية في أمريكا اللاتينية وُلدت في المستوطنات العشوائية في بوينس آيرس، بالإضافة إلى قادة نسويين شعبيين من حركة “ني أونا مينوس” (Ni Una Menos)، حيث شاركوا تجاربهم مع أعضاء الشبكة، مما أتاح لهم الوقت للتعلم وفهم ما يحصل بشكل أفضل.

ومع تقدمنا في العمل خلال هذا الأسبوع، بدأنا نأخذ خطوات مهمة نحو ترسيخ أهدافنا المرتبطة بالمناصرة وتنظيم الحملات. فقد حدّد الأعضاء عددًا من المساحات الرئيسية التي يمكن استخدامها والتركيز عليها بهدف مناصرة قضايا عدالة الديون والعقد الاجتماعي الجديد المعني بالرعاية والمطالبة بتحقيقها. وفي هذا السياق، أعطى الأعضاء الأولوية للاجتماعات السنوية المقبلة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والقمة المضادة لهما ومؤتمر الأطراف (COP 28) والدورة الثانية عشرة بعد المئة لمؤتمر منظمة العمل الدولية (عام 2024).

وعند التطرّق إلى المطالب الحالية المرتبطة بعدالة الديون، كان الأعضاء ملتزمين بإيجاد طرق إضافية تسمح بربط الرعاية بالديون بشكل واضح وصريح في إطار التحليل الذي نُجريه حاليًا. وسيشمل ذلك تحديث المطالب التي أكّد عليها الأعضاء من حيث عدالة الديون وإدخال رؤية تركّز بشكل أكبر على عدالة الديون في العقد الاجتماعي المعني بالرعاية والذي أعدّه الأعضاء.