Summary
سددت مارسيا سيسيليا تروخيو كاليرو جميع الاشتراكات في المعاشات التقاعدية المتوجبة عليها طوال 29 عامًا إلى المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي. ومن أصل الاشتراكات التي بلغ عددها 305 إشتراكات، كان نصفها تقريبًا إسهامات قدمتها طوعًا من عام 1981 حتى عام 1995، وذلك أثناء رعايتها لأطفالها الثلاثة في المنزل في إطار عمل الرعاية غير مدفوع الأجر. في خلال فترة ثمانية أشهر اعتبارًا من عام 1989، توقفت السيدة تروخيو عن تسديد الإسهامات الطوعية غير أنها سددتها بالكامل بأثر رجعي في شهر نيسان/أبريل عام 1990. بعد ذلك، لم تنقطع السيدة تروخيو عن تسديد الاشتراكات المتوجبة عليها إلى النظام حتى عام 2001، عندما أخطرها موظفو مؤسسة الضمان الاجتماعي مرات عدة عن أهليتها للتقاعد المبكر في حال استقالتها في وظيفتها المدفوعة الأجر. لذا استقالت السيدة تروخيو من وظيفتها وتقدمّت بطلب للتقاعد المبكر.
رفضت المؤسسة الإكوادرية للضمان الاجتماعي طلب التقاعد الذي تقدّمت به السيدة تروخيو، وذلك عقب سلسلة من القرارات الإدارية السلبية، زاعمة أنها لم تُسدد الحد الأدنى من الاشتراكات المتوجبة عليها والبالغ عددها 300 اشتراكًا لأن توقفها الطوعي عن العمل مدة ثمانية أشهر أنهى انتسابها إلى نظام التقاعد، ما أدى بالنتيجة إلى بطلان كل الإسهامات الطوعية اللاحقة. مع ذلك، لم تُبلغ السيدة تروخيو بالقرارات الإدارية التي يرجع تاريخ صدورها إلى عامي 2002 و2003 إلا في عام 2007. فاستأنفت واحدة من تلك الأحكام أمام المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي لكن من غير جدوى. لذا لجأت السيدة تروخيو إلى المحكمة المحلية رقم واحد التابعة لمحكمة الخلافات الإدارية في كويتو، بعدها إلى محكمة العدل الوطنية، ثم المحكمة الدستورية على التوالي ملتمسةً الإنصاف. وكان التماسها يُرفض في كل خطوة.
اتهمت السيدة تروخيو في مراسلة 2015 رفعتها إلى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الإكوادور بانتهاك حقها في الضمان الاجتماعي وعدم التمييز على أساس نوع الجنس. وإلى حين وصول التماس السيدة تروخيو إلى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتنظر فيه، حُرمت من الأجر مدة 14 عامًا عانت في خلالها البطالة والفقر والطلاق، فضلًا عن مشاكل صحية خطيرة منها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والعجز السمعي، وتشوه عظمي في قدميها، وحالات قصور ذهني متقطعة.
وجدت اللجنة أن الإكوادور انتهكت حقوق السيدة تروخيو المنصوص في العهد، وهي حقها في الضمان الاجتماعي (المادة 9)، وحقها في عدم التمييز (المادة 2(2))، مقروءتين بالاقتران مع (المادة 3) حقها في المساواة بين الجنسين. وعللت اللجنة ذلك إلى أنه على الرغم من أن ثمة هامش يجيز للإكوادور اعتماد اجراءات لتنظيم الضمان الاجتماعي، يجب أن تكون القواعد التنظيمية معقولة وتناسبية وواضحة وشفافة وإبلاغها علنيًا بطريقة ملائمة وفي الوقت المناسب. أصدرت المحكمة قرارًا وجدت فيه أن الإكوادور فشلت في تلبية هذه المعايير، وأضافت أن انتهاك حقوق السيدو تروخيو تفاقم بفعل افتقار الإكوادور إلى نظام شامل للتقاعد بغير اشتراكات يعتمد على السن.
أولًا، أشارت اللجنة إلى أن الدولة فشلت في تزويد السيدة تروخيو بمعلومات كافية عن شروط تقاعدها في الوقت المناسب. وأن موظفي المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي أبلغت السيدة تروخيو شفويًا أنها تستوفي شروط الإشتراكات البالغ عددها 300 اشتراكًا وأنها مؤهلة للتقاعد المبكر. علاوة على ذلك، استمرت المؤسسة الإكوادورية للضمان الاجتماعي في قبول المدفوعات الشهرية التي كانت تسددها السيدة تروخيو لسنوات عدة بعد عامي 1989-1990، على الرغم من إبطال الانتساب الطوعي لها منذ توقفها عن تسديد الاشتراكات في حينه. وعليه، كان من المعقول أن تتوقع السيدة تروخيو بناء على هذه العوامل مجتمعةً، أنه بوسعها التقاعد والاستفادة من الضمان الاجتماعي، ما دفعها إلى الاستقالة من وظيفتها.
ثانيًا، وجدت اللجنة أن سياسة الإكوادور في إبطال كل الإسهامات الطوعية المُسددة بعد توقف دام ستة أشهر متتالية لا تتناسب مع أهدافها السياساتية المحتملة، مثل حماية موارد الضمان الاجتماعي. ولاحظت أن الإكوادور لم تُبيّن أنه لم يكن ثمة تدابير بديلة قد تترك أثارًا أقل خطورة في حقوق السيدة تروخيو (على سبيل المثال، استثناء الإسهامات عن فترة التوقف عن الدفع ومدتها 8 أشهر من حساب الفوائد).
أخيرًا، رأت اللجنة أن الدولة تتحمل مسؤولية التمييز الذي لحق بالسيدة تروخيو. ولاحظت أن السيدة تروخيو كانت عرضة لأشكال متداخلة من التمييز على أساس نوع الجنس والسن، وهذا الأمر يستدعي إخضاع الأنظمة القانونية في الإكوادور وسلوكها "لمستوى معين من التدقيق الخاص أو الصارم". كما أشارت اللجنة إلى أن النساء يؤلفن تقريبًا كامل عدد العاملين في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر اللواتي قد يتعرضن للتمييز من برامج تقاعدية تزعم الحياد لكنها لا تأخذهن بعين الاعتبار. ورأت أن المساهمين الطوعيين، ومعظمهم من النساء، في وضع حرج إذ يتوقع منهن تسديد حصتهن وحصة صاحب العمل من الاشتراكات الشهرية، على الرغم من افتقارهن لرب عمل يدفع لهن دخلًا ثابتًا. وأضافت أن الإكوادور لم تبرهن أن الشروط التي حددتها للانتساب الطوعي كانت معقولة ومتناسبة وليست شكلًا غير مباشر من أشكال التمييز بحق النساء اللواتي يمارسن عمل الرعاية غير مدفوع الأجر.
خلصت اللجنة إلى أنه يتعين على الإكوادور دفع التعويضات إلى السيدة تروخيو وأن تحول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. علاوة على ذلك، قررت اللجنة أنه يتوجب على الإكوادور ما يلي : (أ) اعتماد تشريعات واجراءات إدارية أخرى تضمن حقوق الجميع في طلب المعلومات المتعلقة بحقهم في الضمان الاجتماعي وجمعها والحصول عليها في الوقت المناسب وبطريقة ملائمة؛ (ب) اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات تضمن قيام سلطات الضمان الاجتماعي بتوفير المعلومات الكافية في الوقت المناسب لجميع الناس، بما فيها تلك المتعلقة بصلاحية إسهاماتهم وصحة إنتسابهم؛ (ج) ضمان أن تكون كل الأنظمة القانونية المسؤولة عن إدراة الضمان الاجتماعي متناسبة مع عدم اعتبارها عقبات تحول دون الحصول على المعاشات التقاعدية؛ (د) توفير سبل الإنتصاف الإدارية والقضائية عن الانتهاكات في الوقت المناسب؛ (هـ) اعتماد تدابير خاصة بشأن المرأة لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين، بما فيها الخطوات الرامية إلى إزالة العقبات التي تعترض النساء العاملات في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر اللواتي يُسهمن في خطط الضمان الاجتماعي؛ (و) وضع خطة لنظام معاش تقاعدي شامل بغير اشتراكات بالحد الأقصى من الموارد المتاحة، وذلك في مهلة زمنية معقولة.