Nature of the Case
صدر قرار يقضي بأن قاعدتيّ الفصل الأسري والإغلاق في مكان إقامة مؤقت وطارئ قدمته بلدية جوهانسبرغ تنتهكان حقوق الفرد الدستورية في الكرامة والخصوصية والحرية والأمن.
صدر قرار يقضي بأن قاعدتيّ الفصل الأسري والإغلاق في مكان إقامة مؤقت وطارئ قدمته بلدية جوهانسبرغ تنتهكان حقوق الفرد الدستورية في الكرامة والخصوصية والحرية والأمن.
انبثقت هذه القضية عن الحكم الصادر عام 2011 في قضية بلو مونلايت، حيث رأت المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا أن البلديات ملزمة دستوريًا بتوفير أماكن الإقامة المؤقتة والطارئة لجميع الأشخاص الذين يجري إجلاؤهم والذين سيصبحون بلا مأوى. فقد أمرت المحكمة بلدية جوهانسبرغ بتوفير أماكن إقامة مؤقتة للأشخاص الذين يواجهون الإخلاء من مسكانهم في المبنى التجاري الواقع في جادة ساراتوجا. لذا، تعاقدت البلدية مع متروبوليتان إفانجليكال سيرفيسز لتوفير أماكن إقامة مؤقتة في مأوى إيكوتوليني أوفرنايت ديكانت (مأوى ليلي). طعن المدّعون في هذه القضية، وهم 11 شخصًا جرى إجلاؤهم ونقلهم إلى المأوى، في اثنين من القواعد المتبعة في المأوى المذكور. إذ يُمنع المقيمون بموجب القاعدة الأولى الخاصة بالإغلاق، من دخول المأوى أثناء النهار ومن مغادرته بعد الساعة الثامنة مساءً. في حين تنص القاعدة الثانية الخاصة بالفصل الاسري على تخصيص مهاجع منفصلة للذكور والإناث، وبالنتيجة فصل الأزواج المختلفين في الجنس، والأطفال ممن تجاوزت أعمارهم 16 عامًا عن مقدمي الرعاية من الجنس الآخر.
تركت قاعدة الإغلاق تأثيرًا سلبيًا على مقدمي الشكوى الذين كانوا يعملون ليلًا ويحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على الوصول إلى المأوى أثناء النهار طلبًا للراحة. كما عرّضت العاطلين عن العمل للخطر وذلك ببقائهم في الشوارع أُثناء النهار. لذا، وبسبب هذه القواعد القمعية، أجبر بعض المقيمين في المأوى على الانتقال حتى وإن لم يكن لديهم سكن بديل.
علاوة على ذلك، أثرت هذه القواعد تأثيرًا غير متناسب على النساء، وفقًا لما ذكره صديقُ للمحكمة من مركز الدراسات القانونية التطبيقية. كما أدت قاعدة الفصل الأسري على إدامة القوالب النمطية الجنسانية عن طريق فرض واجب رعاية الأطفال القاصرين ليلا على النساء حصرًا.
كانت حجة المدّعين أن مجلس المدينة لم يمتثل للحكم الصادر في قضية بلو مونلايت لأن الاجراءات المتبعة لا تتفق مع الحق في الوصول إلى السكن اللائق المنصوص عليه في المادة 26 من دستور جنوب أفريقيا. فزعم المدّعون أن المساكن المؤقتة التي يوفرها مجلس المدينة لا تتسق مع الالتزام باتخاذ تدابير معقولة لإعمال الحق في السكن اللائق ووضعه قيد التنفيذ على نحو تدريجي. وأضافوا أن مجلس المدينة أقر أن القواعد التقييدية وضعت لإجبارهم على العودة إلى الشوارع. وقالوا إن القواعد المتبعة في المأوى أخلت بحقوقهم في الكرامة، وحرية الفرد وأمنه، والخصوصية المنصوص عليها تباعًا في المواد 10 و12 و 14 في الدستور.
ربح المدّعون الدعوة أمام المحكمة العليا، غير أن محكمة الاستئناف العليا نقضت القرار. إذ على الرغم من أن المحكمة الدستورية أقرت بأن هذه القواعد تُخل بالحقوق الدستورية، وجدت أن هذا الإخلال معقول. علاوة على ذلك، قبلت حجة مجلس المدينة بأن نطاق حقوق المدّعين كان أضيق مما كان عليه في ما يتعلق بالسكن الدائم وليس المؤقت.
منحت المحكمة الدستورية الإذن بتقديم الاستئناف بسبب المسائل الدستورية التي أثارتها هذه القضية، بالإضافة إلى أهميتها العامة الأوسع. فرأت أن مجلس المدينة، بتوفيره السكن المؤقت، امتثل للحق الدستوري في السكن اللائق، وعليه ركزت مداولاتها على حقوق الفرد الدستورية في الكرامة والخصوصية والحرية والأمن التي يُزعم أن قاعدتيّ المأوى أخلت بها.
استند تقرير قدمّه مركز قانون الطفولة، صديق المحكمة، على أنه يحق للمدّعين الحصول على كامل سلسلة الحقوق لأن الحكم الصادر في قضية بلو مونلايت يقضي بمنحهم منزلًا يُشبه المسكن الدائم. وافقت المحكمة المركز رأيه في هذا الصدد، رافضة الحجة التي ساقها مجلس المدينة القائلة أنه يحق للمدعين الحصول على نطاق أضيق من الحقوق بسبب الطبيعة المؤقتة للسكن. وأكدت أن القضية الحقيقية لا تتناول مسألة ما إذا كان المأوى منزلًا، بل ما إذا كانت قواعد المأوى أخلت بالحقوق الدستورية المكفولة للجميع، بغض النظر عن مكان وجودهم في وقت معين.
وعليه، أصدر المحكمة قرارا رأت فيه أن قاعدتيّ الفصل والإغلاق أخلتا بحقوق المدّعين الدستورية. فوصفت قاعدة الإغلاق "بالقاسية والمتعالية والمهينة" لأنها أجبرتهم على الخروج إلى الشارع في النهار، وفي هذا انتهاك واضح لكرامة الفرد وخصوصيته وحريته. كذلك تُخل هذه القاعدة بحق المدّعين في أمن الفرد. وهذا ما أثبتته حقيقة تعرض العديد من المدّعين للإهانة في الشارع أثناء منعهم من دخول المأوى. علاوة على ذلك، أشارت المحكمة إلى أن الكرامة تستتبع بالضرروة الحق في الحياة الأسرية الذي أخلت به القاعدة الخاصة بالفصل الأسري.
تُجيز المادة 36 من الدستور تقييد الحقوق إلى الحد الذي يفرضه القانون ذو التطبيق العام على هذا القيد، وهو معقول ومبرر في مجتمع مفتوح وديمقراطي على أساس كرامة الإنسان والمساواة والحرية. في القضية التي بين أيدينا، وجدت المحكمة أن القاعدتين اللتين أدتا إلى الإخلال بالحقوق لم تكونا مبررتين بموجب المادة 36 من الدستور، لأنهما كانتا جزءًا من اتفاق مبرم بين مجلس المدينة ومتروبوليتان إفانجليكال سيرفيسز، وهذا ما يتعارض تمامًا مع "القانون ذي التطبيق العام".
بناء على ما تقدّم، ألغت المحكمة الدستورية بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2017، قرار المحكمة العليا للاسئناف واستبدلته بحكم ينص على أن قاعدتيّ المأوى تنتهكان حقوق المدّعين الدستورية في الكرامة، وحرية الفرد وأمنه، والخصوصية.
ألزمت المحكمة مجلس المدينة ومتروبوليتان إفانجليكال سيرفيسز بتسديد بدل تكاليف التقاضي التي تكبدها المدّعون والامتناع عن تطبيق قاعدتي الإغلاق والفصل الأسري طوال مدة إقامتهم في المأوى.
أرسى قرار المحكمة، الذي يُعد اعترافًا بترابط جميع الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة، معايير متصلة بالسكن تطال ما يقارب 60 ألف شخص يعيشون في وسط مدينة جوهانسبرغ ويحتاجون إلى مساكن فضلى وأكثر أمنًا. ويُرجح أن تترك النتيجة أثرًا إيجابيًا على النساء، والأطفال والأسر التي تقيم في المآوي وتواجه تهدديات لحقوقها المتعلقة بالسكن في الخصوصية والكرامة والحياة الأسرية والحرية والأمن. وفي هذا الإطار قال نومزامو زوندو، محامٍ عن المقيمين ومدير شؤون التقاضي في معهد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في جنوب أفريقيا، معلقًا على القضية ".. عامل مجلس المدينة موكلينا معاملة لا تليق بالبشر... نأمل أن يُؤدي الحكم الصادر اليوم إلى إحداث تغيير في الموقف تجاه الفقراء والضعفاء في وسط مدينة جوهانسبرغ، وأن يبدأ مجلس المدينة معاملتهم بما يستحقونه من الرعاية والاحترام والاهتمام."
نوّد توجيه شكر خاص إلى أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهم: معهد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في جنوب أفريقيا و وبرنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي، جامعة نورث إيسترن
معهد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في جنوب أفريقيا (ساق الحجج في القضية) ، عضو
مركز الدراسات القانونية التطبيقية، عضو
مركز قانون الطفولة